{ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا } يعني فيما مضى { وَلَن تَفْعَلُوا } أي : تطيقوا ذلك ، فيما يأتي ، وتبين لكم عجزكم عن المعارضة { فاتقوا النار } بالإيمان بالله ، وكتبه ، ورسله ، والقيام بفرائضه ، واجتناب مناهيه ، وعبر عن الإتيان بالفعل ، لأن الإتيان فعل من الأفعال لقصد الاختصار ، وجملة { لن تفعلوا } لا محل لها من الإعراب ، لأنها اعتراضية ، و " لن " للنفي المؤكد لما دخلت عليه ، وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها ؛ لأنها لم تقع المعارضة من أحد من الكفرة في أيام النبوّة ، وفيما بعدها ، وإلى الآن . والوَقُود بالفتح : الحطب ، وبالضم : التوقد أي : المصدر ، وقد جاء فيه الفتح . والمراد بالحجارة الأصنام التي كانوا يعبدونها ؛ لأنهم قرنوا أنفسهم بها في الدنيا ، فجعلت وقوداً للنار معهم .
ويدل على هذا قوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] أي : حطب جهنم . وقيل المراد بها حجارة الكبريت ، وفي هذا من التهويل مالا يقدّر قدره من كون هذه النار تتقد بالناس ، والحجارة ، فأوقدت بنفس ما يراد إحراقه بها .
والمراد بقوله : { أُعِدَّتْ } جعلت عدّة لعذابهم ، وهيئت لذلك . وقد كرّر الله سبحانه تحدّي الكفار بهذا في مواضع في القرآن ، منها هذا ، ومنها قوله تعالى في سورة القصص : { قُلْ فَاتُوا بكتاب منْ عِندِ الله هُوَ أهدى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صادقين } [ القصص : 49 ] وقال في سورة سبحان : { قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَاتُوا بِمِثْلِ هذا القرءان لاَ يَاتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } [ الإسراء : 88 ] وقال في سورة هود : { أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ فَاتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وادعوا مَنِ استطعتم من دُونِ الله إِن كُنتُمْ صادقين } [ هود : 13 ] وقال في سورة يونس : { وَمَا كَانَ هذا القرءان أَن يُفْتَرِى مِن دُونِ الله ولكن تَصْدِيقَ الذى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبّ العالمين * أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ فَاتُوا بِسُورَةٍ مثْلِهِ وادعوا مَنِ استطعتم من دُونِ الله إِن كُنتُمْ صادقين } [ يونس : 37 - 38 ] .
وقد وقع الخلاف بين أهل العلم هل وجه الإعجاز في القرآن هو : كونه في الرتبة العلية من البلاغة الخارجة عن طوق البشر ، أو كان العجز عن المعارضة للصرفة من الله سبحانه لهم عن أن يعارضوه ، والحق الأول ، والكلام في هذا مبسوط في مواطنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.