اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ} (24)

قوله : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ } " إن " الشرطية داخلة على جملة " لم تفعلوا " و " تفعلوا " مجزوم ب " لم " ، كما تدخل " إن " الشرطية على فعل منفي ب " لا " نحو : { إِلاَّ تَفْعَلُوهُ } [ الأنفال : 73 ] ، فيكون لم تفعلوا في محل جزم بها .

وقوله : " فاتقوا " جواب الشَّرط ، ويكون قوله : { وَلَن تَفْعَلُواْ } جملة معترضة بين الشرط وجزائه{[37]} .

وقال جماعة من المفسّرين : معنى الآية : وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين ، [ ولن تفعلوا فإن لم تفعلوا فاتقوا النَّار ، وفيه نظر لا يخفى ، وإنما قال تعالى : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ ]{[38]} وَلَن تَفْعَلُواْ } فعبر بالفعل عن الإتيان ؛ لأن الفعل يجري مجرى الكناية ، فيعبر به عن كل فعل ، ويغني عن طول ما تكنى به .

وقال الزمخشري{[39]} : " لو لم يعدل من لفظ الإتيان إلى لفظ الفعل ، لاسْتُطِيعَ أن يقال : فإن لم تأتوا بسورة من مثله ، ولن تأتوا بسورة من مثله " .

قال أبو حيان : " ولا يلزم ما قال ؛ لأنه لو قال : " فإن لم تأتوا ولن تأتوا " كان المعنى على ما ذكر ، ويكون قد حذف ذلك اختصاراً ، كما حذف اختصاراً مفعول " لم تفعلوا ، ولن تفعلوا " ألا [ ترى ]{[40]} أن التقدير : فإن لم تفعلوا الإتيان بسورة من مثله ، ولن تفعلوا الإتيان بسورة من مثله ؟ " .

فإن قيل : كيف دخلت " إن " على " لم " ولا يدخل عامل على عامل{[41]} ؟

فالجواب : أَنَّ " إنْ " ها هنا غير عاملة في اللفظ ، ودخلت على " لم " كما تدخل على الماضي ، لأنها لا تعمل في " لم " كما لم تعمل في الماضي ، فمعنى " إن لم تفعلوا " إن تركتم الفعل .

و " لَنْ " حرف نصف معناه نفي المستقبل ، ويختص بصيغة المضارع ك " لَمْ " ولا يقتضي نفيُهُ التَّأبيدَ ، وليس أقلَّ مدة من نفي " لاَ " ، ولا نونُه{[42]} بدلاً من ألف " لاَ " ، ولا هو مركَّباً من " لاَ أَنْ " ؛ خلافاً للخليل ، وزعم قومٌ أنها قد تجزم ، منهم أبو عُبَيْدَة ؛ وأنشدوا : [ الخفيف ]

لَنْ يَخِبِ الآنَ مِنْ رَجَائِكَ مَنْ حَرْ *** رَكَ مِنْ دُونِ بَابِكَ الحَلْقَهْ{[43]}

وقال النابغة : [ البسيط ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** فَلَنْ أُعْرِّضْ أَبَيْتَ اللَّعْنَ بِالصَّفَدِ{[44]}

ويمكن تأويل ذلك بأنه مما سُكِّن فيه للضَّرورة .

قوله تعالى : { فَاتَّقُواْ النَّارَ } هذا جواب الشرط كما تقدم ، والكثير في لغة العرب : " اتَّقَى يَتَّقِي " على افْتَعَلَ يَفْتَعِلُ ، ولغة " تميم " و " أسد " تَقَى يَتْقِي : مثل : رَمَى يَرْمِي ، فيسكنون ما بعد حرف المضارعة ؛ حكى هذه اللغة سيبويه ، ومنهم من يحرك ما بعد حرف المضارعة ؛ وأنشدوا : [ الوافر ]

تَقُوهُ أَيُّهَا الفِتْيَانُ إنِّي *** رَأَيْتُ اللهَ قَدْ غَلَبَ الجُدُودَا{[45]}

وقال آخر : [ الطويل ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** تَقِ اللهَ فِينَا وَالكِتَابَ الَّذِي تَتْلُو{[46]}

قوله تعالى : { النَّارَ } مفعول به ، و " الَّتي " صفتها ، وفيها أربعُ اللغات المتقدِّمة ، كقوله : [ الكامل ]

شُغِفَتْ بِكَ اللَّتْ تَيَّمَتْكَ فَمِثْلُ مَا *** بِكَ مَا بِهَا مِنْ لَوْعَةٍ وَغَرَامِ{[47]}

وقال آخر : [ الوافر ]

فَقُلْ لِلَّتْ تَلُومُكَ إنَّ نَفْسِي *** أَرَاهَا لاَ تُعَوَّذُ بَالتَّمِيمِ{[48]}

و " وقودها النَّاس والحجارة " جملة من مبتدأ وخبر ، صلة وعائد ، والألف واللام في " النار " للعهد .

فإن قيل : الصِّلة مقررة ، فيجب أن تكون معلومةً فكيف علم أولئك أن نار الآخرة توقد بالناس والحجارة ؟

والجواب : لا يمتنع أن يتقدّم لهم بهذه الصّلة معهودة عند السامع بدليل قوله تعالى : { فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } [ النجم : 10 ] وقوله : { إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى } [ النجم : 16 ] وقوله : { فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى } [ النجم : 54 ] وقال : { فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ } [ طه : 78 ] إلا أنه خلاف المشهور أو لتقدم ذكرها في سورة التحريم - وهي مدينة بالاتفاق - وقد غلط الزمخشري في ذلك .

والمشهور فتح واو الوقود ، وهو اسم ما يوقد به .

وقيل : هو مصدر كالوَلوع والقَبُول والوَضُوء والطَّهُور ، ولم يجئ مصدر على " فَعُول " غير هذه الألفاظ فيما حكاه سيبويه .

وزاد الكسائي : الوَزُوع . وقرئ{[49]} شاذًّا في سورة " ق " { وَمَا مَسَّنَا مِن لَغُوبٍ } [ ق : 38 ] فتصير سبعة ، وهناك ذكرت هذه القراءة ، ولكن المشهور أن الوَقُود والوَضُوء والطَّهُور بالفتح اسم ، وبالضم مصدر .

وقرأ{[50]} عيسى بن عمر بفتحها وهو مصدر .

وقال ابن عطية : وقد حُكيا جميعاً في الحطب ، وقد حكيا في المصدر . انتهى .

فإن أريد اسم ما يوقد به فلا حاجة إلى تأويل ، وإن أريد بهما المصدر فلا بد من تأويل ، وهو إما المُبَالغة أي : جُعِلُوا نفس التوقد مبالغة في وضعهم بالعذاب ، وإمَّا حذف مضاف ، إمّا من الأول أي أصحاب توقدها ، وإمّا من الثاني أي : يوقدها إحراق الناس ، ثم حذف المُضَاف ، وأقيم المضاف إليه مُقَامه . والهاء في " الحِجَارة " لتأنيث الجمع .

فَصْلٌ في تثنية " الَّتي " وجَمْعِهِ

وفي تثنية " الّتي " ثلاث لغاتٍ :

" اللَّتَانِ " ، و " اللَّتَا " بحذف النون ، و " اللَّتَانّ " بتشديد النون ، وفي جمعها خَمْسُ لُغَاتٍ : " اللاَّتي " - وهي لغة القرآن - و " اللاَّتِ " - بكسر التاء بلا ياء - و " اللَّوَاتي " ، و " اللَّوَاتِ " - بلا ياء ، وأنشد أبو عُبَيْدة : [ الرجز ]

مِنَ اللَّوَاتِي وَالَّتِي وَاللاَّتِ *** زَعَمْنَ أَنِّي قَدْ كَبِرْتُ لِدَاتي{[51]}

و " اللَّوَاءِ " بإسقاط " التاء " حكاه الجوهريُّ .

وزاد ابن الشَّجَرِيِّ : " اللاَّئي " بالهمز وإثبات " الياء " ، و " اللاءِ " بكسر " الهمزة " وحذف " الياء " و " اللاّ " بحذف الهمزة ، فإن جمعت الجمع ، قلتَ في " اللاتي " : " اللواتي " وفي " اللائي " : " اللوائي " .

قال الجوهريُّ : وتصغير " الَّتي " " اللَّتَيَّا " بالفتح والتشديد ، قال الراجز : [ الرجز ]

بَعْدَ اللَّتَيَّا واللَّتَيَّا وَالَّتِي *** إذَا عَلَتْهَا أَنْفُسٌ تَرَدَّتِ{[52]}

وبعض الشعراء أدخل على " الَّتي " حرْفَ النداء ، وحروف النداء لا تدخلُ على ما فيه الألف واللام إلاَّ في قولنا : " يَا أَللَّه " وحده ، فكأنه شبهها به ؛ من حيث كانت الألفُ واللاَّمُ غير مفارقتين لها ، وقال : [ الوافر ]

مِنْ اجْلِكِ يَا الَّتي تَيَّمْتِ قَلْبِي *** وَأَنْتِ بَخِيلَةٌ بِالوُدِّ عَنِّي{[53]}

ويقال : " وقع فُلاَنٌ في اللَّتَيَّا وَالَّتي " وهما اسمان من أسماء الداهِيَة .

فَصْلٌ

قال ابن الخطيب{[54]} : انتفاء إتيانهم بالسورة واجبٌ ، فهلاَّ جيء ب " إذا " الذي للوجوب دون " إن " الذي{[55]} للشك ؟ والجواب : من وجهين :

أحدهما : أنه ساق القول معهم على حسب حسابهم ، وأنهم لم يكونوا بعد جازمين بالعجز عن المُعَارضة ؛ لاتكالهم على فصاحتهم ، واقتدارهم على الكلام .

والثَّاني : أنه تهكّم بهم كما يقول الموصوف بالقوة الواثق من نفسه بالغلبة لمن هو دونه : " إن غلبتك لم أُبْقِ عليك " ، وهو عالم أنه غالبه تهكماً به . فإن قيل : ما معنى اشتراطه في اتقاء النار انتفاء إتيانهم بسورة من مثله . والجواب : إذا ظهر عجزهم عن المُعَارضة صَحّ عندهم صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا صَحّ ذلك ثم لزموا العِنَادَ استوجبوا العقاب بالنار ، فاتقاء النار يوجب ترك العناد ، فأقيم المؤثر مقام الأثر ، وجعل قوله : { فَاتَّقُواْ النَّارَ } قائماً مقام قوله : فاتركوا العناد ، فأناب إبقاء النار منابه .

و " الحجارة " روي عن ابن مسعود والفراء - رضي الله تعالى عنهما - أنها حجارة الكبريت{[56]} ، وخصّت بذلك ؛ لأنها تزيد على جميع الأحجار بخمسة أنواع من العذاب : سرعة الإيقاد ، ونتن الرائحة ، وكثرة الدُّخَان ، وشدّة الالتصاق بالأبدان ، وقوة حرها إذا حميت .

وقيل : المراد بالحجارة الأصنام ، لأنهم لما قرنوا أنفسهم بها في الدنيا حيث نحتوها أصناماً ، وجعلوها أنداداً لله ، وعبدوها من دونه قال تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] وفي معنى " الناس والحجارة " و " حصب جهنم " في معنى " وقودها " .

ولما اعتقد الكفار في حجارتهم المعبودة من دون الله أنها الشّفعاء ، والشهداء الذين يشفعون لهم ، ويستدفعون بها المضار عن أنفسهم جعلهم الله عذابهم ، فقرنهم بها محماة في نار جهنم إبلاغاً في تحسيرهم ، ونحوه ما يفعل بالكافرين الذين جعلوا ذهبهم وفضتهم عدة وذخيرة فشحُّوا بها ، ومنعوها من الحقوق ، حيث يحمى عليها في نار جهنّم ، فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم .

قال ابن الخطيب{[57]} : والقول بأنها حجارة الكبريت تخصيص بغير دليل ، بل فيه ما يدلّ على فساده ؛ لأن الغرض هُنَا تفخيم صفة النَّار ، والإيقاد بحجارة الكبريت أمر معتاد ، فلا يدلّ الإيقاد بها على قوة النار .

أما لو حملنا على سائر الحجارة ، دلّ على عظم أمر النار ؛ فإن سائر الأحجار تطفأ بها النيران ، فكأنه قال : تلك النَّار نار بلغت لقوتها أن تتعلّق في أوّل أمرها بالحجارة التي هي مطفئة لنيران الدُّنيا .

قال القرطبي : " وليس في قوله تعالى : { وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [ البقرة : 24 ] دليلٌ على أنه ليس فيها غير الناس والحجارة ، بدليل ما ذكره في غير موضع ، مع كون الجن والشياطين فيها " وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كل مؤذٍ في النَّار " {[58]} وفي تأويله وجهان :

أحدهما : كل من آذى الناس في الدنيا عذبه الله في الآخرة بالنار .

والثاني : أن كل ما يؤذي النَّاس في الدنيا من السِّباع والهوام وغيرها في النار معدّ لعقوبة أهل النار .

وذهب بعض أهل التأويل إلى أن هذه النار المخصوصة بالحجارة هي للكافرين خاصّة .

روى مسلم " عن العباس بن عبد المطّلب{[59]} - رضي الله عنه - قال : قلت : يا رسول الله ، إنّ أبا طالب{[60]} كان يحوطك وينصرك ، فهل ينفعه ذلك ؟ قال : " نعم ، وَجَدْتُهُ في غَمَرَاتٍ من النَّارِ فأخرجته إلى ضَحْضَاحٍ " {[61]} .

وفي رواية : " ولَوْلاَ أَنَا لكان في الدَّرْكِ الأَسْفَلِ من النار " ويدلُّ على هذا التأويل قوله : { أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } .

وقال ابن الخطيب{[62]} : وليس فيها ما يدلُّ على أنه ليس هناك نيران أخر غير موصوفة بهذه الصِّفة ، معدّة لفساق أهل الصلاة .

قوله تعالى : { أُعِدَّتْ } فعلٌ لما لم يسمَّ فاعلُهُ ، والقائم مقام الفاعل ضمير " النَّارِ " ، والتاء واجبةٌ ، لأن الفعل أسند إلى ضمير المؤنَّث ، ولا يلتفَتُ إلى قوله : [ المتقارب ]

فَلاَ مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا *** وَلاَ أَرْضَ أَبْقَلَ إبْقَالَهَا{[63]}

لأنه ضرورةٌ ؛ خلافاً لابن كَيْسَان .

و " للكافرين " متعلّق به ، ومعنى " أُعِِدَّتْ " : هُيِّئَتْ ؛ قال : [ مجزوء الكامل ]

أَعْدَدْتُ لِلْحَدَثَانِ سَا *** بِغَةً وَعَدَّاءً عَلَنْدَى{[64]}

وقرئ{[65]} : " أُعْتِدَتْ " من العَتَاد بمعنى العدة ، وهذه الجملة الظاهر أنها لا محلّ لها ، لكونها مستأنفة جواباً لمن قال : لمن أعدت{[66]} ؟

وقال أبو البَقَاء : محلها النصب على الحال من " النار " ، والعامل فيها " اتقوا " .

قيل : وفيه نظر ، فإنها معدة للكافرين اتقوا أم لم يتقوا ، فتكون حالاً لازمة ، لكن الأصل في الحال التي ليست للتوكيد أن تكون منتقلة ، فالأولى أن تكون استئنافاً .

قال أبو البقاء{[67]} : ولا يجوز أن تكون حالاً من الضمير في " وقودها " لثلاثة أشياء :

أحدها : أنها مضاف إليها .

الثاني : أن الحطب لا يعمل يعني أنه اسم جامد .

الثالث : الفصل بين المصدر أو ما يعمل عمله ، وبين ما يعمل فيه الخبر وهو " الناس " ، يعني أن الوقود بالضم ، وإن كان مصدراً صالحاً للعمل ، فلا يجوز ذلك أيضاً ؛ لأنه عامل في الحال ، وقد فصلت بيه وبينها بأجنبي ، وهو " الناس " وقال السّجستاني : " أعدّت للكافرين " من صلة " التي " كقوله : { وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } .

قال ابن الأَنْبَاري : وهذا غلط ؛ لأن " التي " هنا وصلت بقوله : " وقودها الناس " فلا يجوز أن توصل بصلة ثانية ، بخلاف التي في " آل عمران " .

قلت : ويمكن ألا يكون غلطاً ؛ لأنا لا نسلم أن " وقودها الناس " - والحالة هذه - صلة ، بل إما معترضة ، لأن فيها تأكيداً وإما حالاً ، وهذان الوجهان لا يمنعهما معنى ، ولا صناعة .


[37]:روي ذلك عن مقاتل، وذكره أبو حيان في البحر المحيط 2/389.
[38]:آية 61 من سورة آل عمران. والبهل: اللعن: وفي حديث ابن الصبغاء قال: الذي بهله بريق أي الذي لعنه ودعا عليه رجل اسمه بريق. وبهله الله بهلا: لعنه. وعليه بهلة الله وبهلته أي لعنته. وفي حديث أبي بكر: من ولي من أمور الناس شيئا فلم يعطهم كتاب الله فعليه بهلة الله أي لعنة الله، وتضم باؤها وتفتح. وباهل القوم بعضهم بعضا وتباهلوا وابتهلوا: تلاعنوا. والمباهلة: الملاعنة. يقال: باهلت فلانا؟ أي لاعنته، ومعنى المباهلة أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا: لعنة الله على الظالم منا. وفي حديث ابن عباس: من شاء باهلته أن الحق معي. ينظر: اللسان (بهل).
[39]:(نجران) بفتح النون وسكون الجيم: بلد كبير على سبع مراحل من مكة إلى جهة اليمن، يشتمل على ثلاثة وسعين قرية مسيرة يوم للراكب السريع، كذا في زيادات يونس بن بكير بإسناد له في المغازي، وذكر ابن إسحاق أنهم وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهم حينئذ عشرون رجلا، لكن أعاد ذكرهم في الوفود بالمدينة فكأنهم قدموا مرتين. قال ابن سعد: كان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم، فخرج إليه وفدهم في أربعة عشر رجلا من أشرافهم، وعند ابن إسحاق أيضا من حديث كرز بن علقمة: أنهم كانوا أربعة وعشرين رجلا، وسرد أسماءهم. وفي قصة أهل نجران من الفوائد أن إقرار الكافر بالنبوة لا يدخل في الإسلام، حتى يلتزم أحكام الإسلام، وفيها جواز مجادلة أهل الكتاب، وقد تجب إذا تعينت مصلحته، وفيها مشروعية مباهلة المخالف إذا أصر بعد ظهور الحجة، وقد دعا ابن عباس إلى ذلك ثم الأوزاعي، ووقع ذلك لجماعة من العلماء، ومما عرف بالتجربة أن من باهل وكان مبطلا لا تمضي عليه سنة من يوم المباهلة، ووقع لي ذلك مع شخص كان يتعصب لبعض الملاحدة، فلم يقم بعدها غير شهرين، وفيها مصالحة أهل الذمة على ما يراه الإمام من أصناف المال، ويجري ذلك مجرى الجزية عليهم؛ فإن كلا منهما مال يؤخذ من الكفار على وجه الصغار في كل عام، وفيها بعث الإمام الرجل العالم الأمين إلى أهل الهدنة في مصلحة الإسلام، وفيها منقبة ظاهرة لأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، وقد ذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى أهل نجران؛ ليأتيه بصدقتاهم وجزيتهم، وهذه القصة غير قصة أبي عبيدة؛ لأن أبا عبيدة توجه معهم، فقبض مال الصلح ورجع، وعلي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقبض منهم ما استحق عليهم من الجزية، ويأخذ ممن أسلم منهم ما وجب عليه من الصدقة والله أعلم. ينظر فتح الباري 8/428، 429.
[40]:والحبرة والحبرة: ضرب من برود اليمن منمر، والجمع حبر وحبرات. الليث: حبرة ضرب من البرود اليمانية. يقال برد حبير وبرد حبرة، مثل عنبة. على الوصف والإضافة وبرود حبرة. قال: وليس حبرة موضعا أو شيئا معلوما إنما هو وشيء كقولك ثوب قرمز. ينظر لسان العرب 2/749- 750. (حبر)، النهاية في غريب الحديث 1/328.
[41]:سقط في ب.
[42]:سقط في .
[43]:سقط في ب.
[44]:سقط في أ.
[45]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (6/151- 152) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/4) وزاد نسبته لابن إسحاق وابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير وذكره أبو حيان في "البحر المحيط (2/389) وانظر "التفسير الكبير" للفخر الرازي (7/154).
[46]:- البيت لابن خلكان القناني: ينظر إصلاح المنطق: ص 134، والمقاصد النحوية: 1/154، ولسان العرب: (سما)، وشرح المفصل: 1/42، وأوضح المسالك:1/34، والإنصاف: ص15، وأسرار العربية: ص9، والمغني: 1/154.
[47]:-البيت للأحوص ينظر: ديوانه: 193، القرطبي: 1/71، والدر المصون: 1/55..
[48]:-في أ: أنها ثبتت
[49]:- ينظر الفخر الرازي: 1/93.
[50]:-الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي، اليحمدي، أبو عبد الرحمن: ولد سنة 100هـ في البصرة، من أئمة اللغة والأدب، وواضع علم العروض، وهو أستاذ سيبويه النحوي، عاش فقيرا صابرا. قال النضر بن شميل: ما رأى الراءون مثل الخليل، ولا رأى الخليل مثل نفسه، فكر في ابتكار طريقة في الحساب تسهله على العامة؛ فدخل المسجد وهو يعمل فكره؛ فصدمته سارية وهو غافل فكانت سبب موته سنة 170هـ بالبصرة. من كتبه: "العين" و "معاني الحروف" و"العروض" و"النغم". ينظر: وفيات الأعيان: 1/172، وإنباه الرواة1/341، ونزهة الجليس: 1/18، والأعلام: 2/314.
[51]:- في أ: فلو أنك.
[52]:- في أ: ولو.
[53]:- سقط في أ.
[54]:- علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي بالولاء، الكوفي، أبو الحسن الكسائي: إمام في اللغة والنحو والقراءة، من تصانيفه: "معاني القرآن"، و"المصادر"، و"الحروف"، و"القراءات"، و"النوادر"، و"المتشابه في القرآن" و"ما يلحن فيه العوام". توفي بـ"الري" في العراق سنة 189 هـ انظر: ابن خلكان: 1/330، وتاريخ بغداد: 11/403، والأعلام: 4/283.
[55]:-عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي، أبو حفص الحافظ: أمير المؤمنين، عن أنس، وعبد الله بن جعفر، وابن المسيب، وعنه أيوب، وحميد، والزهري، وخلق. قال ميمون بن مهران: ما كانت العلماء عند عمر إلا تلامذة، ولي في سنة تسع وتسعين، ومات سنة إحدى ومائة. قال هشام بن حسان: لما جاء نعي عمر قال الحسن البصري. مات خير الناس. فضائله كثيرة –رضي الله عنه-. ينظر ترجمته في تهذيب الكمال: 2/1016، وتهذيب التهذيب: 7/475 (790)، وتقريب التهذيب: 2/59، 60، وخلاصة تهذيب الكمال: 2/274، والكاشف: 2/317، وتاريخ البخاري الكبير: 6/274، والجرح والتعديل: 1/663، والثقات: 5/151، وطبقات الحفاظ: 46، والحلية: 5/254، وتراجم الأحبار: 2/536، والبداية: 9/192، وطبقات ابن سعد 5/330، 9/142.
[56]:-في ب: الجيم.
[57]:- علي بن مؤمن بن محمد، الحضرمي الإشبيلي، أبو الحسن، المعروف بـ "ابن عصفور" ولد سنة 597هـ بـ"إشبيلية" وهو حامل لواء العربية بـ"الأندلس" في عصره من كتبه: "المقرب" و"الممتع"، و"والمفتاح"، و"الهلاك"، و"السالف والعذار"، و"شرح المتنبي" وغيرها. وتوفي بـ "تونس" سنة 669هـ. ينظر: فوات الوفيات: 2/93، وشذرات الذهب: 5/330، والأعلام: 5/27.
[58]:- ينظر المشكل: 1/6.
[59]:- محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي، الزمخشري، جار الله أبو القاسم، ولد سنة 467هـ في زمخشر (من قرى خوارزم)، من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والآداب، سافر إلى مكة فجاور بها زمنا؛ فلقب بـ"جار الله". أشهر كتبه: "الكشاف"، و"أساس البلاغة"، و"المفصل"، ومن كتبه: "المقامات" و"مقدمة الأدب" و"نوافع الكلم"، و"ربيع الأبرار". توفي بـ"الجرجانية"، بـ"خوارزم" سنة 538هـ. ينظر: وفيات الأعيان:2/81، ولسان الميزان: 6/4، والجواهر المضيئة: 2/160، وآداب اللغة: 3/46، والأعلام: 7/178.
[60]:- ينظر الكشاف: 1/3.
[61]:- الفراء بن مسعود بن محمد، القراء، أو ابن الفراء، أبو محمد، ويلقب بـ "محيي السنة"، البغوي، فقيه، محدث، مفسر، نسبته إلى "بغاء" من قرى "خراسان" بين "هراة ومرو". له: "التهذيب" في فقه الشافعية، و"شرح السنة" في الحديث، و"لباب التأويل في معالم التنزيل" في التفسير، و"مصابيح السنة " و"الجمع بين الصحيحين" وغير ذلك. ولد سنة 436هـ. توفي بـ "مرو الروذ" سنة 510هـ. ينظر الأعلام: 2/259، وفيات الأعيان: 1/145.
[62]:- إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج: عالم بالنحو واللغة. كان في فتوته يخرط الزجاج، ومال إلى النحو فعلمه المبرّد، كان مؤدبا لابن الوزير المعتضد العباسي، كانت لـ "الزجاج" مناقشات مع "ثعلب" وغيره، من كتبه: "معاني القرآن"، و"الاشتقاق"، و"خلق الإنسان"، وغيرها من الكتب. ولد في بغداد" سنة 241 هـ وتوفي سنة 311هـ. انظر: معجم الأدباء: 1/47، وإنباه الرواة: 1/159، وآداب اللغة: 2/181 والأعلام: 1/40.
[63]:- ينظر معاني القرآن: 1/1.
[64]:- في أ: نقول.
[65]:- في ب: والسؤالات.
[66]:- في أ: بترجيح.
[67]:- في أ: وذلك.