الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ} (24)

وفي قوله جل وعلا : { وَلَنْ تَفْعَلُواْ }[ البقرة :24 ] إِثَارةٌ لِهِمَمِهِمْ ، وتحريكٌ لنفوسهم ، ليكون عجزهم بعد ذلك أبدع ، وهو أيضاً من الغيوب التي أخبر بها القرآن .

وقوله تعالى : { فاتقوا النار }[ البقرة :24 ] .

أمر بالإيمانِ ، وطاعةِ اللَّه ، قال الفَخْر : ولما ظهر عجزهم عن المعارضة صح عندهم صدق النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وإِذا صح ذلك ثم لزموا العناد ، استوجبوا العقاب بالنار ، واتقاءُ النار يوجب ترك العناد ، فأقيم قوله : { فاتقوا النار }[ البقرة :24 ] مُقَامَ قوله : «واتركوا العِنَادَ » ، ووصف النار بأنها تتقد بالناس والحجارة ، وذلك يدلُّ على قوتها ، نجَّانا اللَّه منها برحمته الواسعة ، وقرَنَ اللَّه سبحانه النَّاسَ بالحجارة لأنهم اتخذوها في الدنيا أصناماً يعبدونها ، قال تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [ الأنبياء : 98 ] فإحدى الآيتين مفسِّرة للأخرى ، وهذا كتعذيب مانعي الزكاة بنوعِ ما منعوا ، انتهى .