الآية 24 : وقوله تعالى : ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ) يحتمل وجوها : يحتمل أنهم أقروا على إثر ذلك بالعجز{[329]} عن إتيان مثله من غير تكلف ولا اشتغال كان منهم لما دفع عز وجل عن أطماعهم إتيان مثله نظما ، [ ويحتمل ]{[330]} لاجتهدوا كل جهدهم ، وتكلفوا كل طاقتهم على إطفاء النور ، ليخرج قولهم على الصدق بأنه مختلق مفترى ، ويظهر كذب الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كلام رب العالمين . [ فأقروا عند ذلك بالعجز ]{[331]} ؛ فبدل إقرارهم بالعجز عن إتيان مثله وترك اشتغالهم بذلك انه كلام رب العالمين منزل على نبيه رسوله{[332]} صلى الله عليه وسلم .
وقوله تعالى : ( فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة ) الوَقود بالنصب ، هو الحطب ، وبالرفع ، هو النار ؛ أخبر{[333]} عز وجل أن حطبها الناس / 6-أ/ كلما{[334]} احترقوا أعيدوا ، وبدلوا كقوله ( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ) [ النساء : 56 ] .
( والحجارة ) فيه وجهان : قيل : هي الكبريت ، وقيل : الحجارة بعينها لصلابتها ، وشدتها أشد احتراقا وأكثر إحماء .
وقوله تعالى : ( أعدت للكافرين ) في الآية دلالة أنها لم تعد لغير الكافرين ، وهي تنقض على المعتزلة قولهم حين خلدوا صاحب الكبيرة في النار ، ولم يطلقوا له اسم الكفر{[335]} ، [ وفي زعمهم ]{[336]} أنها أعدت للكافرين أيضا ، وإن كان تعذيب المؤمن بمعاص يرتكبها وأوزار حملها وفواحش تعاطاها . وذلك أن الله تعالى يعذب من يشاء بما شاء ، وليس إلى الخلق الحكم في ذلك لقوله : ( ولا يشرك في حكمه أحدا ) [ الكهف : 26 ] .
فإن قالوا : إن أطفال المشركين في الجنة ، والجنة لم تعد لهم ، وإنما أعدت للمؤمنين ، ثم جاز دخول غيرهم فيها وتخليدهم . وكذلك النار ، وإن كانت معدة للكافرين جاز لغير الكافر التعذيب والتخليد فيها ، كقوله ( فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم ) الآية [ آل عمران : 106 ] شرط الكفر بعد الإيمان . ثم من ينشأ على الكفر والذي كفر بعد الإيمان سواء في التخليد ، فكذلك مرتكب الكبيرة والكافر سواء في التخليد ، فيقال لهم : إن كل كافر تشهد خلقته على وحدانية ربه ؛ فإذا ترك النظر في نفسه ، واختار [ الإعناد ، صار ]{[337]} ككفرٍ بعد الإيمان لأنه لم يكن مؤمنا ، ثم كفر .
وأما قولهم في الأطفال فإنهم إنما أخلدوا{[338]} [ في ]{[339]} الجنة جزاء لهم من ربهم ، ولله{[340]} أن يعطي الجزاء من شاء بلا فعل ولا صنع كان منه فضلا وكرامة . وذلك في العقل جائز إعطاء الثواب بلا عمل على الإفضال والإكرام .
وأما التعذيب فإنه غير جائز في العقل بلا ذنب يرتكبه ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.