الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ} (24)

قوله : ( وَلَنْ تَفْعَلُوا )[ 23 ] .

أعلمهم( {[1220]} ) الله أنهم لا يقدرون على ذلك ، فهو رد ونفي لما كلفوا ، أي إن كنتم صادقين . ( وَلَن تَفْعَلُوا ) أي لن تطيقوا ذلك( {[1221]} ) أبداً . فعلى هذا التأويل لا يحسن الوقف على " صادقين( {[1222]} ) " .

قوله( {[1223]} ) : ( التِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )[ 23 ] .

و " الوقود " بفتح الواو : الحطب ، وبضم الواو : التوقد( {[1224]} ) .

وحكى الأخفش عن بعض العرب أن الفتح والضم معاً( {[1225]} ) بمعنى الحطب( {[1226]} ) .

وقال الكسائي : " الفتح هو الحطب ، والضم هو الفعل " ( {[1227]} ) ، يعني المصدر .

فعلى هذا لا تحسن( {[1228]} ) القراءة( {[1229]} ) إلا بفتح الواو لأنه تعالى أخبر أن الذي تتوقد به النار هو الناس أعاذنا الله منها ووفقنا( {[1230]} ) لما ينجينا منها ، وختم لنا بخير يبعدنا منها . ( وَالحِجَارَةُ ) . قيل( {[1231]} ) : يعني حجارة الكبريت( {[1232]} ) .

وقيل : هي حجارة من كبريت خلقها الله يوم خلق السماوات والأرض( {[1233]} ) .

وعن النبي [ عليه السلام( {[1234]} ) ] أنه قال : " هِيَ حِجَارَةٌ مِنْ كِبْرِيتٍ أَسْوَدَ فِي النَّارِ( {[1235]} ) " .

وروى أصبغ بن( {[1236]} ) الفرج( {[1237]} ) أن عيسى بن( {[1238]} ) مريم عليه السلام بينما هو في سياحته إذ سمع أنيناً( {[1239]} ) فمضى إليه يؤمه( {[1240]} ) حتى انتهى إليه ، فإذا هو حجر يبكي ، فقال له عيسى : ألا أراك تبكي وأنت حجر ؟ قال : نعم يا روح الله إني أسمع الله( {[1241]} ) يقول : ( نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )( {[1242]} )/ فادع [ لي الله( {[1243]} ) ] يا روح الله ألا يجعلني منها " .

وعلى ذلك أكثر أهل اللغة أن " الوَقُود " بالفتح الحطب ، وبالضم التلهب( {[1244]} ) .

وقد روي عن الحسن وطلحة بن مصرف( {[1245]} ) ومجاهد أنهم قرأوا بالضم( {[1246]} ) فيكون ذلك على اللغة التي حكاها الأخفش أن الفتح والضم بمعنى الحطب( {[1247]} ) .


[1220]:- في ع3: أي أعلمهم.
[1221]:- سقط من ع3.
[1222]:- انظر: هذا الحكم في تفسير القرطبي 1/233.
[1223]:- في ع3: قوله: فاتقوا النار.
[1224]:- انظر: هذا التوجيه في مجاز القرآن 1/34، ومعاني الأخفش 1/51، وتفسير الغريب 43. وفي مشكل الإعراب 1/83 قول مكي "كالوضوء –بالفتح –الماء- والوضوء بالضم المصدر، وهو اسم حركات الوضوء.
[1225]:- في ع1، ح، ق، ع3: هما.
[1226]:- انظر: معانيه 1/51.
[1227]:- انظر: إعراب القرآن 1/151، وتفسير القرطبي 1/236.
[1228]:- في ع3: يحسن.
[1229]:- وهي قراءة. انظر: الإملاء 1/25.
[1230]:- في ع2: ووقفنا، وفي ع3: ووقانا.
[1231]:- سقط من ع2، ع3.
[1232]:- انظر: تفسير الثوري 42، ومعاني الفراء 1/20، وتفسير الغريب 43.
[1233]:- وهو قول ابن مسعود. انظر: تفسيره 2/85.
[1234]:- في ع2، ق، ع3: صلى الله عليه وسلم.
[1235]:- رواه الحاكم عن ابن مسعود وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. انظر: المستدرك 1/261.
[1236]:- في ع1، ق: ابن.
[1237]:- في ع3: أصبغ وهو تحريف.
[1238]:- في ع2، ع3: بن. وهو أصبع بن الفرج بن سعيد بن نافع الأموي، أبو عبد الله الفقيه المصري، ثقة روى عن ابن القاسم وابن وهب، وروى عنه أبو حاتم والبخاري (ت225هـ). انظر: تذكرة الحفاظ 457-458، وتقريب التهذيب 1/81، والخلاصة 1/101.
[1239]:- في ع1، ق: أنبأ.
[1240]:- سقط من ع3.
[1241]:- في ع3: الله تعالى.
[1242]:- التحريم آية 6.
[1243]:- في ع3: الله لي.
[1244]:- انظر: مجاز القرآن 1/34، ومعاني الأخفش 1/51 واللسان 3/962.
[1245]:- ابن عمرو بن كعب، أبو عبد الله الكوفي، تابعي كبير، مقرئ أخذ القراءة عن النخعي والأعمش، وأخذ عنه يحيى بن وثاب وعلي الكسائي وغيرهما. (ت112هـ) وقيل 113هـ. انظر: طبقات ابن خياط 162، وطبقات القراء 1/343.
[1246]:- انظر: المحرر الوجيز 1/145.
[1247]:- انظر: معاني الأخفش 1/51، وإعراب القرآن 1/151.