لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{ٱلرِّجَالُ قَوَّـٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ فَٱلصَّـٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلۡغَيۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُۚ وَٱلَّـٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّٗا كَبِيرٗا} (34)

خصَّ الرجال بالقوة فزيد بالحمل عليهم ؛ فالحمل على حسب القوة . والعبرة بالقلوب والهمم لا بالنفوس والجثث .

قوله : { وَاللاَّتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعَظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ } : أي ارتقوا في تهذيبهن بالتدريج والرفق ، وإنْ صَلُحَ الأمر بالوعظ فلا تستعمل العصا بالضرب ، فالآية تتضمن آداب العِشْرة .

ثم قال : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } : يعني إن وَقَفَتْ في الحال عن سوء العشرة ( . . . . . ) ورجعت إلى الطاعة فلا تَنْتَقِمْ منها عمَّا سَلَفَ ، ولا تتمنع من قبول عذرها والتأبِّي عليها .

يقال : { فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } بمجاوزتك عن مقدار ما تستوجب من نقمتك .

يقال لك عليها الطاعة بالبدن ، فأمَّا المحبة والميل إليك بالقلب فذلك إلى الله ، فلا تكلِّفها ما لا يرزقك الله منها ؛ فإن القلوب بقدرة الله ، يُحبِّبُ إليها من يشاء ، ويُبَغِّضُ إليها من يشاء .

ويقال : { فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } أي لا تَنسَ وفاءها في الماضي بنادر جفاءٍ يبدو في الحال فربما يعود الأمر إلى الجميل .