معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ٱلرِّجَالُ قَوَّـٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ فَٱلصَّـٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلۡغَيۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُۚ وَٱلَّـٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّٗا كَبِيرٗا} (34)

وقوله : { فَالصَّالِحاتُ }

وفي قراءة عبد الله ( فالصوالح قوانت ) تصلح فواعل وفاعلات في جمع فاعلة . وقوله : { بِما حَفِظَ اللَّهُ } القراءة بالرفع . ومعناه : حافظات لغيب أزواجهن بما حفظهن اللّهُ حين أوصى بهن الأزواج . وبعضهم يقرأ ( بما حَفظ اللَّه ) فنصبه عل أن يجعل الفعل واقعا ؛ كأنك قلت : حافظات للغيب بالذي يحفظ اللَّه ؛ كما تقول : بما أرضى اللَّه ، فتجعل الفعل لما ، فيكون في مذهب مصدر . ولست أشتهيه ؛ لأنه ليس بفعل لفاعل معروف ، وإنما هو كالمصدر .

وقوله : { فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً } يقول : لا تبغوا عليهن عِلَلا .

وقوله : { وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ } جاء التفسير أن معنى تخافون : تعلمون . وهي كالظن ؛ لأن الظانّ كالشاكّ والخائف قد يرجو . فلذلك ضارع الخوف الظنّ والعلم ؛ ألا ترى أنك تقول للخبر يبلغك : أما والله لقد خفت ذاك ، وتقول : ظننت ذلك ، فيكون معناهما واحدا . ولذلك قال الشاعر :

ولا تدفِنَنِّي بالفَلاة فإنني *** أخاف إذا ما مُِتُّ أنْ لا أذوقها

وقال الآخر :

أتاني كلام عن نُصَيْب يقوله *** وما خفت يا سلاّم أنك عائبي

كأنه قال : وما ظننت أنك عائبي . ونقلنا في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أمرت بالسواك حتى خفتُ لأَدْرَدَن . كقولك : حتى ظننت لأدردن .