فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱلرِّجَالُ قَوَّـٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ فَٱلصَّـٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلۡغَيۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُۚ وَٱلَّـٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّٗا كَبِيرٗا} (34)

{ الرجال قوامون على النساء } . . أي يقومون بالنفقة عليهن ، والذب عنهن ؛ وأيضا فإن فيهم الحكام والأمراء ومن يغزو ، وليس ذلك في النساء ؛ . . ، { بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم } بين تعالى أن تفضيلهم عليهن في الإرث لما على الرجال من المهر والإنفاق ؛ . . ؛ ويقال : إن الرجال لهم فضيلة في زيادة العقل والتدبير ؛ فجعل لهم حق القيام عليهن لذلك ؛ . . . ؛ و { قوام } فعال للمبالغة ، . . ؛ يقوم بتدبيرها وتأديبها وإمساكها في بيتها ومنعها من البروز ، وأن عليها طاعته وقبول أمره ، ما لم تكن معصية ؛ وتعليل ذلك بالفضيلة والنفقة والعقل والقوة في أمر الجهاد ، والميراث ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر } ( {[1380]} ) ؛ { فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله } المرأة المسلمة التقية( {[1381]} ) هي التي تطيع زوجها ، وتحفظه في غيبته في نفسها وماله ؛ والمحفوظ مَن حفظه الله سبحانه ؛ { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن } ومن خاف من زوجته ترفعا عليه ، وعصيانا لأمره ، وبغضا لمصاحبته فليعظها وليذكرها بحقه عليها ، وما أوجب الله له من الطاعة والقوامة( {[1382]} ) ، وأن تأنفها عن تلبية ندائه مغضبة للمولى جل علاه ؛ روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح " ؛ ورواه مسلم ، ولفظه : " إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح " ؛ { واهجروهن في المضاجع واضربوهن } روى مسلم – رحمه الله- في صحيحه ، عن جابر رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع : " واتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان( {[1383]} ) ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف " ؛ نقل عن ابن عباس : يهجرها في المضجع فإن أقبلت وإلا فقد أذن لك أن تضربها ضربا غير مبرح ، ولا تكسر لها عظما ، فإن أقبلت وإلا فقد أحل الله لك منها الفدية ؛ { فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا } – أي : إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريده منها ، مما أباحه الله له منها فلا سبيل له عليها بعد ذلك ، وليس له ضربها ولا هجرانها ؛ وقوله : { إن الله كان عليا كبيرا } تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب ، فإن الله العلي الكبير وليهن ، وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن .


[1380]:من الجامع لأحكام القرآن؛ بتصرف يسير.
[1381]:روى ابن أبي حاتم وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك" قال: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {الرجال قوامون على النساء..} إلى آخرها.
[1382]:أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لو كنت آمرًا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها".
[1383]:أسيرات، شبههن عليه السلام بالأسيرات لنشفق عليهن ونترفق بهن.