لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ عُزَيۡرٌ ٱبۡنُ ٱللَّهِ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَى ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ ٱللَّهِۖ ذَٰلِكَ قَوۡلُهُم بِأَفۡوَٰهِهِمۡۖ يُضَٰهِـُٔونَ قَوۡلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبۡلُۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (30)

لو كان هذا في تخاطب المخلوقين لكان عينَ الشكوى ؛ والشكوى إلى الأحباب تشير إلى تحقق الوصلة .

شكا إليهم ما حصل من قبيح أعمالهم ، وكم بين مَنْ تشكو منه وبين مَنْ تشكو إليه ! !

قوله جلّ ذكره : { يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } .

الكفار قبلهم جحدوا الربوبية ، وهؤلاء أقروا بالله ، ثم لما أثبتوا له الوَلَدَ نقضوا ما أقروا به من التوحيد ، فصاروا كالكفار قَبْلَهم .

ويحتمل أن تكون مضاهاةُ قولهم في وصف المعبود بأنَّ عيسى ابنه وعزيراً ابنه كقولِ الكفار قَبْلَهم إنَّ الملائكة بناتُ الله .

ويقال لمَّا وصفوا المعبود بما يتعالى عن قولهم لم ينفَعُهم صِدْقُهم في الإقرار بربوبيته مما أضافوا إليه من سوء القالة . وكلُّ مَنْ أطلق في وصفه ما يتقدَّسُ - سبحانه - عنه فهو للأعداء مُشَاكِلٌ في استحقاق الندم والتوبيخ .