تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ عُزَيۡرٌ ٱبۡنُ ٱللَّهِ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَى ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ ٱللَّهِۖ ذَٰلِكَ قَوۡلُهُم بِأَفۡوَٰهِهِمۡۖ يُضَٰهِـُٔونَ قَوۡلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبۡلُۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (30)

وقوله تعالى : ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ) وقوله[ في الأصل وم : وقال ] تعالى في آية أخرى ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ) ( أن دعوا للرحمن ولدا )[ مريم : 90و91 ] أخبر أن السموات تكاد تتفطر ، وتنشق الأرض ، وتخر الجبال لعظيم ما قالوا في الله سبحانه من البهتان والفرية عليه أن له ولدا ثم بين الذي ذكر ذلك ، فقال : ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ) فذكر الآية ، وأخبر ، والله أعلم ، أنهم قالوا في الله ما قالوا لوجوه .

أحدها : دلالة إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لأن هؤلاء المتأخرين لم يقولوا هذا ، ولكن إنما قال ذلك أوائلهم ، ولكن كتموا ذلك ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوائلهم قالوا ذلك ، وهم كانوا يكتمون عن رسول الله ذلك ، ليعلموا أنه إنما علم ذلك بالله .

والثاني : يخبر رسوله سفه أوائلهم ، ويصبره على سفه هؤلاء ليصبر على سفههم وآذاهم .

والثالث : يخبر أنهم مشبهة لأنهم نسبوا المخلوق إليه ، وقالوا : إن فلانا ابنه لما رأوا منه أشياء . فلولا أنهم عرفوا الله بمثل معرفتهم المخلوق ، وإلا ما قالوا ذلك ، ولا اعتقدوا من التشبيه وغير ذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( ذلك قوله بأفواههم ) أي ذلك قول قالوه بلا حجة ولا برهان ، كانت لهم في ذلك ، أو قالوا ذلك بأفواههم على غير شبه ، اعترضت لهم ، فحملتهم[ في الأصل وم : تحملهم ] على ذلك .

وقوله تعالى : ( يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) يحتمل هذا أن قد كان قبل هؤلاء من قد قال مثل قول هؤلاء ( كذلك يحي الله الموتى )[ البقرة : 73 ] ليس أن يحيي الموتى كلهم إحياء كما أحيى ذلك القتيل بضرب بعض من البقرة ، ولكن يحييهم إحياء ، ذلك قوله : ( يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) في الكفر نفسه .

ويحتمل : ضاهى قول النصارى قول اليهود . والمضاهاة المشابهة والإشباه . وقوله ( يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ) أن يشبه النصارى بقولهم [ عن عيسى ][ في الأصل وم : لعيسى ] إنه ابن الله قول اليهود من قبل ( عزير ابن الله ) فمضاهاة النصارى في عيسى واليهود قبلهم في عزير .

وقوله تعالى : ( قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) هذه الكلمة كلمة اللعن ، تستعمل عند مناكير القول والفعل من غير حصول المنفعة .

وقوله تعالى : ( أنى يؤفكون ) يحتمل من أين يؤفكون ، ويفترون على الله على غير شبهة اعترضت لهم ؟

ويحتمل ( أنى يؤفكون ) أين كيف يؤفكون بلا منفعة تحصل لهم ؟