في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡۖ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّيٓ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا لَّآ أُعَذِّبُهُۥٓ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (115)

واستجاب الله دعاء عبده الصالح عيسى بن مريم ؛ ولكن بالجد اللائق بجلاله سبحانه . . لقد طلبوا خارقة . واستجاب الله . على أن يعذب من يكفر منهم بعد هذه الخارقة عذابا شديدا بالغا في شدته لا يعذبه أحدا من العالمين :

( قال الله : إني منزلها عليكم ، فمن يكفر بعد منكم ، فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ) . .

فهذا هو الجد اللائق بجلال الله ؛ حتى لا يصبح طلب الخوارق تسلية ولهوا . وحتى لا يمضي الذين يكفرون بعد البرهان المفحم دون جزاء رادع !

وقد مضت سنة الله من قبل بهلاك من يكذبون بالرسل بعد المعجزة . . فأما هنا فإن النص يحتمل أن يكون هذا العذاب في الدنيا ، أو أن يكون في الآخرة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡۖ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّيٓ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا لَّآ أُعَذِّبُهُۥٓ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (115)

{ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنزلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ } أي : فمن كذب بها من أمتك يا عيسى وعاندها { فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ } أي : من عالمي زمانكم ، كقوله : { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ } [ غافر : 46 ] ، {[10531]} وكقوله : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ } [ النساء : 145 ] .

وقد روى ابن جرير ، من طريق عَوْف الأعرابي ، عن أبي المغيرة القوَّاس ، عن عبد الله بن عمرو قال : إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة ثلاثة : المنافقون ، ومن كفر من أصحاب المائدة ، وآل فرعون . {[10532]}

/خ115


[10531]:في د، هـ: "يوم القيامة" وهو خطأ.
[10532]:تفسير الطبري (11/233).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡۖ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّيٓ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا لَّآ أُعَذِّبُهُۥٓ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (115)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ اللّهُ إِنّي مُنَزّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنّيَ أُعَذّبُهُ عَذَاباً لاّ أُعَذّبُهُ أَحَداً مّنَ الْعَالَمِينَ } . .

وهذا جواب من الله تعالى القوم فيما سألوا نبيهم عيسى مسألة ربهم من إنزاله مائدة عليهم ، فقال تعالى ذكره : إني منزلها عليكم أيها الحواريون فمطعكموها . " فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ " يقول : فمن يجحد بعد إنزالها عليكم وإطعامكموها منكم رسالتي إليه وينكر نبوّة نبي عيسى صلى الله عليه وسلم ويخالف طاعتي فيما أمرته ونهيته ، فإني أعذّبه عذابا لا أعذّبه أحدا من عالمي زمانه . ففعل القوم ، فجحدوا وكفروا بعد ما أنزلت عليهم فيما ذكر لنا ، فعذّبوا فيما بلغنا بأن مسخوا قردة وخنازير . كالذي :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " إنّي مُنَزّلُهَا عَلَيْكُمْ . . . . " الاية ، ذكر لنا أنهم حوّلوا خنازير .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ومحمد بن أبي عديّ ، ومحمد بن جعفر ، عن عوف ، عن أبي المغيرة القوّاس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : إن أشدّ الناس عذابا ثلاثة : المنافقون ، ومن كفر من أصحاب المائدة ، وآل فرعون .

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن عوف ، قال : سمعت أبا المغيرة القوّاس يقول : قال عبد الله بن عمرو : إن أشدّ الناس عذابا يوم القيامة : مَنْ كفر من أصحاب المائدة ، والمنافقون ، وآل فرعون .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : " فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ " بعد ما جاءته المائدة ، " فإنّي أُعَذّبُهُ عَذَابا لا أُعَذّبُهُ أحَدا مِنَ العالَمِينَ " يقول : أعذّبه بعذاب لا أعذّبه أحدا من العالمين غير أهل المائدة .