تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡۖ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّيٓ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا لَّآ أُعَذِّبُهُۥٓ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (115)

{ قال الله } عز وجل ، { إني منزلها } ، يعني المائدة ، { عليكم } ، فنزلها يوم الأحد ، { فمن يكفر بعد } نزول المائدة ، { منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين } ، فنزلت من السماء عليها سمك طرى ، وخبز رقاق ، وتمر ، وذكروا أن عيسى صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه وهم جلوس في روضة : هل مع أحد منكم شيء ؟ فجاء شمعون بسمكتين صغيرتين ، وخمسة أرغفة ، وجاء آخر بشيء من سويق ، فعمد عيسى صلى الله عليه وسلم فقطعهما صغارا وكسر الخبز ، فوضعها فلقا فلقا ، ووضع السويق فتوضأ ، ثم صلى ركعتين ، ودعا ربه عز وجل ، فألقى الله عز وجل على أصحابه شبه السبات ، ففتح القوم أعينهم ، فزاد الطعام حتى بلغ الركب ، فقال عيسى صلى الله عليه وسلم للقوم : كلوا وسموا الله عز وجل ، ولا ترفعوا ، وأمرهم أن يجلسوا حلقا حلقا ، فأكلوا حتى شبعوا ، وهم خمسة آلاف رجل ، وهذا ليلة الأحد ويوم الأحد .

فنادى عيسى صلى الله عليه وسلم ، فقال : أكلتم ؟ قالوا : نعم ، قال : لا ترفعوا ، قالوا : لا نرفع ، فرفعوا ، فبلغ ما رفعوا من الفضل أربعة وعشرين مكتلا ، فآمنوا عند ذلك بعيسى صلى الله عليه وسلم ، وصدقوا به ، ثم رجعوا إلى قومهم اليهود من بني إسرائيل ، ومعهم فضل المائدة ، فلم يزالوا بهم حتى ارتدوا عن الإسلام فكفروا بالله ، وجحدوا بنزول المائدة ، فمسخهم الله عز وجل وهم نيام خنازير ، وليس غيهم صبى ولا امرأة .