فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡۖ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّيٓ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا لَّآ أُعَذِّبُهُۥٓ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (115)

وقد اختلف أهل العلم هل نزلت عليهم المائدة أم لا ؟ فذهب الجمهور إلى الأوّل وهو الحق ، لقوله سبحانه { إِنّي مُنَزّلُهَا عَلَيْكُمْ } ووعده الحق وهولا يخلف الميعاد . وقال مجاهد : ما نزلت وإنما هو ضرب مثل ضربه الله لخلقه نهياً لهم عن مسألة الآيات لأنبيائه ، وقال الحسن : وعدهم بالإجابة ، فلما قال : { فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ } استغفروا الله وقالوا لا نريدها .

قوله : { فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ } أي بعد تنزيلها { فَإِنّي أُعَذّبُهُ عَذَاباً } أي تعذيباً { لاَّ أُعَذّبُهُ } صفة لعذاباً ، والضمير عائد إلى العذاب بمعنى التعذيب ، أي لا أعذب مثل ذلك التعذيب { أَحَداً من العالمين } قيل : المراد عالمي زمانهم . وقيل جميع العالمين ، وفي هذا من التهديد والترهيب ما لا يقادر قدره .

/خ115