{ فمن يكفر بعد منكم } أي بعد نزولها { فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين } عالمي زمانهم ، فجحد القوم ، وكفروا بعد نزول المائدة ، فمسخوا قردة وخنازير ، وروي أن عيسى ( عليه السلام ) لما أراد الدعاء لبس صوفاً ثم قال : { اللهم انزل علينا مائدة من السماء } والمائدة الخوان عليها الطعام ، فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين غمامة فوقها وأخرى تحتها وهم ينظرون إليها حتى سقطت بين أيديهم فبكى عيسى ( عليه السلام ) وقال : اللهم اجعلني من الشاكرين ، اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها مثلة وعقوبة ، فقال لهم : ليقم أحسنكم عملاً فيكشف عنها ويذكر اسم الله عليها ويأكل منها ، قال شمعون كبير الحواريين : أنت أولى بذلك يا روح الله ، فقام عيسى ( عليه السلام ) فتوضأ وصلى وبكى ثم كشف المنديل فقال : بسم الله خير الرازقين فإذا سمكة مشوية بلا فلوس ولا شوك تسيل دسماً ، وعند رأسها ملح ، وعند ذنبها خل ، وحولها البقول ما خلا الكراث ، وإذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون ، وعلى الثاني عسل ، وعلى الثالث سمن ، وعلى الرابع جبن ، وعلى الخامس قديد ، قال شمعون : يا روح الله أمن طعام الدنيا أم من طعام الآخرة ؟ فقال : ليس شيء منهما ، ولكنه شيء اخترعه الله تعالى بالقدرة الغالبة ، كلوا مما سألتم ، واشكروا الله يمددكم ويزدكم من فضله ، قال الحواريون : يا روح الله لو أريتنا من هذه الآية آية أخرى ، فقال عيسى ( عليه السلام ) : يا سمكة أحيي بإذن الله تعالى ، فاضطربت ، ثم قال لها : عودي كما كنت ، فعادت مشوية ، ثم طارت المائدة ، روي ذلك في الكشاف المتقدم ، وقيل : تنزل كل يوم مرة ، وقيل : كانت بكرة وعشياً ، وقيل : كانت غبَّاً تنزل يوم دون يوم ، قيل : أقامت أربعين يوم يأكل منها خمسة آلاف نفس كل يوم فخانوا وادخروا فرفعت ، وقيل : كانت فيها جبن وسكر ، وقيل : ثمار من ثمار الجنة ، وقيل : كان عليها من كل الطعام إلا اللحم ، وقيل : كان في السمكة طعم كل شيء ، وروي : أن ما أحد أكل منها من أهل العلل إلا برئ ثم عصوا بعدها فمسخوا قردة وخنازير ، وروي : أنهم لما سمعوا بالشريطة وهي قوله : { فمن يكفر بعد منكم } قالوا : لا نريد فلم تنزل ، وعن الحسن : والله ما نزلت ولو نزلت لكانت عيد إلى يوم القيامة ، لقوله : { وآخرنا } ، قال جار الله : والصحيح أنها نزلت ، وروى الثعلبي : أنها أقبلت الملائكة بمائدة يحملونها عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات حتى وضعوها بين أيديهم أكل منها آخر الناس كما أكل منها أولهم ، وروي فيه أيضاً : كانت المائدة إذا وضعت بين يدي بني إسرائيل اختلفت عليهم الأيدي من السماء بكل طعام إلا اللحم ، وروي : أن ما أحد أكل منها من أهل العلل إلاَّ برئ ، ولا فقير إلا استغنى ، وروي أنها كانت إذا نزلت اجتمع اليها الناس الكبار والصغار والفقراء والأغنياء والرجال والنساء ، فأوحى الله تعالى إلى عيسى ( عليه السلام ) أن اجعل رزقي ومائدتي للفقراء لا الأغنياء فعظم ذلك على الأغنياء حتى شكوا فقال لهم عيسى ( عليه السلام ) : هلكتم فشمروا لعذاب الله تعالى ، وروي أنه مسخ منهم ثلاثمائة وثلاثون رجلاً أصبحوا خنازير يسعون في الكناسات ، وقيل : كانوا خمسة آلاف رجل ما فيهم من امرأة ولا صبي ، فلما نظرت الخنازير إلى عيسى ( عليه السلام ) بكت وجعل عيسى ( عليه السلام ) يدعوهم بأسمائهم واحداً واحداً فيبكون ولا يقدرون على الكلام ، روى ذلك الثعلبي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.