التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيۡكُمۡۖ فَمَن يَكۡفُرۡ بَعۡدُ مِنكُمۡ فَإِنِّيٓ أُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا لَّآ أُعَذِّبُهُۥٓ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (115)

قوله : { قال الله إني منزلها عليكم } هذه إجابة لسؤال عيسى بإنزال المائدة وهو وعد من الله ووعد الحق . ويحقق حدث الإنزال قوله : { إني } فهو للتأكيد فضلا عن كون الله { لا يخلف الميعاد } وهو سبحانه منجز ما وعده . وقد ذهب إلى ذلك أكثر أهل العلم . وصيغة المبالغة في قوله : { منزلها } يشير إلى نزولها عدة مرات . والله تعالى أعلم .

قوله : { فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العلمين } ذلك تهديد من الله لبني إسرئيل الذين سألوا الله أن ينزل عليهم مائدة من السماء يأكلون منها وتطمئن بها قلوبهم وتكون لهم ولمن بعدهم عيدا . وقد استجاب اللهم لهم مقرنا ذلك بالوعيد لمن يكفر بعد تنزيل المائدة أن الله سوف يعذبه تعذيبا لم يعذب بمثله أحدا من العالمين في زمانهم أو العالمين مطلقا . والظاهر أن فريقا من القوم جحدوا وكفروا وكذبوا نبوة عيسى فعذبهم الله في الدنيا أن مسخهم قردة وخنازير وعذبهم في الآخرة أن جعلهم من أصحاب الجحيم . وعن عبد الله بن عمرو قال : إن أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة : المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون{[1111]} .


[1111]:- تفسير ابن كثير ج 2 ص 116 وتفسير الطبري ج 7 ص 85-88 وفتح القدير ج 2 ص 93- 94.