في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ} (56)

هيا قبل أن تتحسروا على فوات الفرصة ، وعلى التفريط في حق الله ، وعلى السخرية بوعد الله :

أن تقول نفس : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله . وإن كنت لمن الساخرين . .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ} (56)

{ أن تقول } أي كراهة أن تقول{ نفس يا حسرتا } أي يا حسرتي وندامتي

{ على ما فرطت في جنب الله } أي بسبب تفريطي وتقصيري في طاعة الله . أو في حقه تعالى ؛ أي ما يحق له ويجب وهو الطاعة . وأصل الجنب والجانب : الجهة المحسوسة للشيء . وأطلق على الطاعة مجازا حيث شبهت بالجهة ؛ بجامع التعلق في كل بصاحبه . فالطاعة لها تعلق بالله ، كما أن الجهة لها تعلق بصاحبها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ} (56)

قوله تعالى : { من قبل أن يأتيكم العذاب بغتةً وأنتم لا تشعرون أن تقول نفس } يعني : لئلا تقول نفس كقوله :{ وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم } ( النحل-15 ) يعني : لئلا تميد بكم . قال المبرد : أي : بادروا واحذروا أن تقول نفس ، وقال الزجاج : خوف أن تصيروا إلى حال تقولون هذا القول . { يا حسرتي } يا ندامتا ، والتحسر الاغتمام على ما فات ، وأراد يا حسرتي على الإضافة . لكن العرب تحول ياء الكناية ألفاً في الاستغاثة ، فتقول : يا ويلتي ويا ندامتا ، وربما ألحقوا بها الياء بعد الألف ليدل على الإضافة ، وكذلك قرأ أبو جعفر " يا حسرتاي " وقيل : معنى قوله : { يا حسرتا } يا أيتها الحسرة هذا وقتك { على ما فرطت في جنب الله } ، قال الحسن : قصرت في طاعة الله . وقال مجاهد : في أمر الله ، وقال سعيد بن جبير : في حق الله ، وقيل : ضيعت في ذات الله : وقيل : معناه قصرت في الجانب الذي يؤدي إلى رضاء الله ، والعرب تسمي الجنب جانباً . { وإن كنت لمن الساخرين } المستهزئين بدين الله ، وكتابه ، ورسوله ، والمؤمنين . قال قتادة : لم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى جعل يسخر بأهل طاعته .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِينَ} (56)

ولما كان للإنسان عند وقوع الخسران أقوال وأحوال لو تخيلها قبل هجومه لحسب حسابه فباعد أسبابه . علل الإقبال على الاتباع بغاية الجهد والنزاع فقال : { أن } أي كراهة أن { تقول } ولما كان الموقع للإنسان في النقصان إنما هو حظوظه وشهواته المخالفة لعقله ، عبر بقوله : { نفس } أي عند وقوع العذاب لها ، وإفرادها وتنكيرها كاف في الوعيد لأن كل أحد يجوز أن يكون هو المراد { يا حسرتى } والتحسر : الاغتمام على ما فات والتندم عليه ، وألحق الألف بدلاً من الياء تعظيماً له ، أي يا طول غماه لانكشاف ما فيه صلاحي عني وبعده مني فلا وصول لي إليه لاستدراك ما فات منه ، وذلك عند انكشاف أحوالها ، وحلول أوجالها وأهوالها ودل على تجاوز هذا التحسر الحد قراءة أبي جعفر " حسرتاي " بالجميع بين العوض وهو الألف والمعوض عنه وهو الياء ، وحل المصدر لأن ما حل إليه أصرح في الإسناد وأفخم ، وأدل على المراد وأعظم ، فقال : { على ما فرطت } أي بما ضيعت فانفرط مني نظامه ، وتعذر انضمامه والتئامه .

ولما كان حق كل أحد قريباً منه حساً أو معنى حتى كأنه إلى جنبه ، وكان بالجنب قوام الشيء ولكنه قد يفرط فيه لكونه منحرفاً عن الوجاه والعيان ، فيدل التفريط فيه على نسبة المفرط لصاحبه إلى الغفلة عنه ، وذلك أمر لا يغفر ، قال : { في جنب } وصرف القول إلى الاسم الأعظم لزيادة التهويل بقوله : { الله } أي حق الملك الأعظم الذي هو غير مغفول عنه ولا متهاون به .

ولما كان المضرور المعذب المقهور يبالغ في الاعتراف ، رجاء القبول والانصراف ، قال مؤكداً مبالغة في الإعلام بالإقلاع عما كان يقتضيه حاله ، ويصرح به مقاله ، من أنه على الحق واجد الجد : { وإن } أي والحال أني { كنت } أي كان ذلك في طبعي { لمن الساخرين * } أي المستهزئين المتكبرين المنزلين أنفسهم في غير منزلتها ، وذلك أنه ما كفاني المعصية حتى كنت أسخر من أهل الطاعة ، أي تقول : هذا لعله يقيل منها ويعفي عنها على عادة المترققين في وقت الشدائد ، لعلهم يعادون إلى أجمل العوائد .