في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ أَشَهِدُواْ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَٰدَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔلُونَ} (19)

ثم يحاصرهم هم وأسطورتهم من ناحية أخرى . فهم يدعون أن الملائكة إناث . فعلام يقيمون هذا الادعاء ?

( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً . أشهدوا خلقهم ? ستكتب شهادتهم ويسألون ) . .

أشهدوا خلقهم ? فعلموا أنهم إناث ? فالرؤية حجة ودليل يليق بصاحب الدعوى أن يرتكن إليه . وما يملكون أن يزعموا أنهم شهدوا خلقهم . ولكنهم يشهدون بهذا ويدعونه ، فليحتملوا تبعة هذه الشهادة بغير ما كانوا حاضريه : ( ستكتب شهادتهم ويسألون ) . .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ أَشَهِدُواْ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَٰدَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔلُونَ} (19)

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ أَشَهِدُواْ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَٰدَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔلُونَ} (19)

ومنها : أنهم جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الله إِنَاثًا ، فتجرأوا على الملائكة ، العباد المقربين ، ورقوهم عن مرتبة العبادة والذل ، إلى مرتبة المشاركة للّه ، في شيء من خواصه ، ثم نزلوا بهم عن مرتبة الذكورية إلى مرتبة الأنوثية ، فسبحان من أظهر تناقض من كذب عليه وعاند رسله .

ومنها : أن اللّه رد عليهم بأنهم لم يشهدوا خلق اللّه لملائكته ، فكيف يتكلمون بأمر من المعلوم عند كل أحد ، أنه ليس لهم به علم ؟ ! ولكن لا بد أن يسألوا عن هذه الشهادة ، وستكتب عليهم ، ويعاقبون عليها .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ أَشَهِدُواْ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَٰدَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔلُونَ} (19)

{ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا } أي حكموا بأنهم إناث حين قالوا إنهم بنات الله { اشهدوا } أحضروا { خلقهم } حين خلقوا { ستكتب شهادتهم } على الملائكة بأنهم بنات الله { ويسألون } عنها

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ أَشَهِدُواْ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَٰدَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔلُونَ} (19)

" وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا " قرأ الكوفيون " عباد " بالجمع . واختاره أبو عبيد ؛ لأن الإسناد فيها أعلى ، ولأن الله تعالى إنما كذبهم في قولهم إنهم بنات الله ، فأخبرهم أنهم عبيد وأنهم ليسوا ببناته . وعن ابن عباس أنه قرأ " عباد الرحمن " ، فقال سعيد بن جبير : إن في مصحفي " عبد الرحمن " فقال : امحها واكتبها " عباد الرحمن " . وتصديق هذه القراءة قوله تعالى : " بل عباد مكرمون " {[13603]} [ الأنبياء : 26 ] . وقوله تعالى : " فحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء " {[13604]} [ الكهف : 102 ] . وقوله تعالى : " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم " {[13605]} [ الأعراف : 194 ] وقرأ الباقون " عند الرحمن " بنون ساكنة واختاره أبو حاتم . وتصديق هذه القراءة قوله تعالى : " إن الذين عند ربك " {[13606]} وقوله : " وله من في السماوات والأرض ومن عنده " {[13607]} [ الأنبياء : 19 ] . والمقصود إيضاح كذبهم وبيان جهلهم في نسبة الأولاد إلى الله سبحانه ، ثم في تحكمهم بأن الملائكة إناث وهم بنات الله . وذكر العباد مدح لهم ، أي كيف عبدوا من هو نهاية العبادة ، ثم كيف حكموا بأنهم إناث من غير دليل . والجعل هنا بمعنى القول والحكم ، تقول : جعلت زيدا أعلم الناس ، أي حكمت له بذلك . " أشهدوا خلقهم " أي أحضروا حالة خلقهم حتى حكموا بأنهم إناث . وقيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم وقال : [ فما يدريكم أنهم إناث ] ؟ فقالوا : سمعنا بذلك من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا في أنهم إناث ، فقال الله تعالى : " ستكتب شهادته ويسألون " أي يسألون عنها في الآخرة . وقرأ نافع " أوشْهدوا " {[13608]} بهمزة استفهام داخلة على همزة مضمومة مسهلة ، ولا يمد سوى ما روى المسيبي عنه أنه يمد . وروى المفضل عن عاصم مثل ذلك وتحقق الهمزتين . والباقون " أشهدوا " بهمزة واحدة للاستفهام .

وروي عن الزهري " أُشْهِدوا خلقهم " على الخبر ، " ستكتب " قراءة العامة بضم التاء على الفعل المجهول " شهادتهم " رفعا . وقرأ السلمي وابن السميقع وهبيرة عن حفص " سنكتب " بنون ، " شهادتهم " نصبا بتسمية الفاعل . وعن أبي رجاء " ستكتب شهاداتهم " بالجمع .


[13603]:آية 26 سورة الأنبياء.
[13604]:آية 102 سورة الكهف.
[13605]:آية 194 سورة الأعراف.
[13606]:آخر سورة الأعراف.
[13607]:آية 19 سورة الأنبياء.
[13608]:رسمناها هكذا تصويرا للنطق.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ أَشَهِدُواْ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَٰدَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔلُونَ} (19)

ولما كان ربما ظن أن المحذور إنما هو جعلهم عليهم السلام إناثاً بقيد النسبة إليه سبحانه ، نبه على أن ذلك قبيح في نفسه مطلقاً لدلالته على احتقارهم وانتقاصهم فهو كفر ثالث إلى الكفرين قبله : نسبة الولد إليه سبحانه ثم جعل أخص النوعين ، فقال : { وجعلوا } أي مجترئين على ما لا ينبغي لعاقل فعله { الملائكة الذين هم } متصفون بأشرف الأوصاف أنهم { عباد الرحمن } العامة النعمة الذي خلقهم فهم بعض من يتعبد له وهم عباده وحقيقة لأنهم ما عصوه طرفه عين ، فهم أهل لأن يكونوا على أكمل الأحوال ، وقراءة " عند " بالنون شديدة المناداة عليهم بالسفه ، وذلك أن أهل حضرة الملك الذين يصرفهم في المهمات لا يكونون إلا على أكمل الأحوال وعنديته أنهم لم يعصوه قط وهم في محل مقدس عن المعاصي مشرف بالطاعات وأهل الاصطفاء ، وذكر المفعول الثاني للجعل الذي بمعنى التعبير الاعتقادي والقول فقال : { إناثاً } وذلك أدنى الأوصاف خلقاً وذاتاً وصفة ، ثم دل على كذبهم في هذا المطلق ليدل على كذبهم في المقيد من باب الأولى فقال تهكماً بهم وتوبيخاً لهم وإنكاراً عليهم إظهاراً لفساد عقولهم بأن دعاويهم مجردة عن الأدلة : { أشهدوا } أي حضروا حضوراً هم فيه على تمام الخبرة ظاهراً وباطناً - هذا هو معنى قراءة الجماعة ، وأدخل نافع همزة التوبيخ على أخرى مضمومة لبناء الفعل للمفعول تنبيهاً على عجزهم عن شهود ذلك إلا بمن يشهدهم إياه ، وهو الخالق لا غيره ، ومدها في إحدى الروايتين زيادة في المناداة عليهم بالفضيحة ، وسهل الثانية بينها وبين الواو إشارة إلى انحطاط أمرهم وسفول آرائهم وأفعالهم ، وجميع تقلباتهم وأحوالهم كما سيكشف عنه الزمان ونوازل الحدثان { خلقهم } أي مطلب الخلق في أصله أو عند الولادة أو بعدها على حال من الأحوال حضوراً أوجب لهم تحقق ما قالوا بأن لم يغيبوا عن شيء من الأحوال الدالة على ذلك أعم من أن تكون تلك الشهادة حسية بنظر العين أو معنوية بعلم ضروري أو استدلالي بعقل أو سمع .

ولما كان الجواب قطعاً : لا ، قال مهدداً لهم مؤكداً لتهديدهم بالسين لظنهم أن لا بعث ولا حساب ولا حشر ولا نشر فقال : { ستكتب } بكتابة من وكلناهم بهم من الحفظة الذين لا يعصوننا فنحن نقدرهم على جميع ما نأمرهم به - هذا على قراءة الجماعة بالتاء والبناء للمفعول ، وعظم الكتابة تفخيماً للوعيد وإكباراً لما اشتمل عليه من التهديد في قراءة النون المفيدة للعظمة والبناء للفاعل ونصب الشهادة { شهادتهم } أي قولهم فيهم أنهم إناث الذي لا ينبغي أن يكون إلا بعد تمام المشاهدة ، فهو قول ركيك سخيف ضعيف - بما أشار إليه التأنيث في قراءة الجماعة { ويسألون } عنها عند الرجوع إلينا ، ويجوز أن يكون في السين استعطاف إلى التوبة قبل كتابة ولا علم لهم به ، فإنه قد روى أبو أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

" كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يسار الرجل ، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات ، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشراً ، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال : دعه سبع ساعات ، لعله يسبح الله أو يستغفر " رواه الشعبي والبغوي من طريقه والطبراني والبيهقي من طريق جعفر عن القاسم عن أبي أمامة والبيهقي من رواية بشر بن نمير عن القاسم نحوه وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه من طريق إسماعيل بن عياش عن عاصم بن رجاء عن عروة بن رويم عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه ، وروى الحاكم وقال : صحيح الإسناد عن أم عصمة العوصية رضي الله تعالى عنها قال : " ما من مسلم يعمل ذنباً إلا وقف الملك ثلاث ساعات ، فإن استغفر من ذنبه لم يوقعه عليه ولم يعذب يوم القيامة " .