ثم بين تعالى جرأتهم على ما لا ينبغي لعاقل أن يتفوه بقوله تعالى : { وجعلوا الملائكة الذين هم } متصفون بأشرف الأوصاف وهو أنهم { عباد الرحمان } أي : العام النعمة الذين ما عصوه طرفة عين { إناثاً } وذلك أدنى الأوصاف خلقاً وخلقاً ذاتاً وصفة فهذا كفر ثالث كالكافرين قبله ، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر : بكسر العين وبعدها نون ساكنة ونصب الدال ، والباقون بعد العين بباء موحدة مفتوحة وبعدها ألف ورفع الدال ثم قال تعالى تهكماً بهؤلاء القائلين ذلك وتوبيخاً لهم وإنكاراً عليهم { أشهدوا } أي : أحضروا { خلقهم } أي : خلقي إياهم فشاهدوهم إناثاً فإن ذلك مما يعلم بالمشاهدة ، وقرأ نافع بهمزتين الأولى مفتوحة والثانية مضمومة مسهلة كالواو وسكون الشين ، وأدخل قالون بينهما ألفاً ولم يدخل ورش والباقون بهمزة واحدة مفتوحة وفتح الشين .
{ ستكتب } بكتابة من وكلناهم بهم من الحفظة الذين لا يعصوننا فنحن نقدرهم على جميع ما نأمرهم به { شهادتهم } أي : قولهم فيهم أنهم إناث الذي لا ينبغي أن يكون إلا بعد تمام المشاهدة فهو قول ركيك سخيف ضعيف كما أشار إليه التأنيث { ويسألون } عنها عند الرجوع إلينا ، قال الكلبي ومقاتل : «لما قالوا هذا القول سألهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «ما يدريكم أنهم إناث ؟ قالوا : سمعنا من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا فقال تعالى { ستكتب شهادتهم ويسألون } عنها في الآخرة هذا يدل على أن القول بغير دليل منكر وأن التقليد حرام يوجب الذم العظيم قال المحققون : هؤلاء الكفار كفروا في هذا القول من ثلاثة أوجه ؛ أولها : إثبات الولد ثانيها : أن ذلك الولد بنت ثالثها : الحكم على الملائكة بالأنوثة .
تنبيه : قال البقاعي : يجوز أن يكون في السين استعطاف التوبة قبل كتابة ما قالوا ولا علم لهم به فإنه قد روى أبو أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يسار الرجل ، وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات ، فإذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشراً وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال : دعه سبع ساعات لعله يسبح الله أو يستغفر » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.