تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ} (6)

{ 6 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }

وهذا أيضًا ، من الآداب التي على أولي الألباب ، التأدب بها واستعمالها ، وهو أنه إذا أخبرهم فاسق بخبر أن يتثبتوا في خبره ، ولا يأخذوه مجردًا ، فإن في ذلك خطرًا كبيرًا ، ووقوعًا في الإثم ، فإن خبره إذا جعل بمنزلة خبر الصادق العدل ، حكم بموجب ذلك ومقتضاه ، فحصل من تلف النفوس والأموال ، بغير حق ، بسبب ذلك الخبر ما يكون سببًا للندامة ، بل الواجب عند خبر الفاسق ، التثبت والتبين ، فإن دلت الدلائل والقرائن على صدقه ، عمل به وصدق ، وإن دلت على كذبه ، كذب ، ولم يعمل به ، ففيه دليل ، على أن خبر الصادق مقبول ، وخبر الكاذب ، مردود ، وخبر الفاسق متوقف فيه كما ذكرنا ، ولهذا كان السلف يقبلون روايات كثير [ من ] الخوارج ، المعروفين بالصدق ، ولو كانوا فساقًا .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ} (6)

{ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }

، ونزل في الوليد بن عقبة وقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق مصدقاً فخافهم لترة كانت بينه وبينهم في الجاهلية فرجع وقال إنهم منعوا الصدقة وهموا بقتله ، فهمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بغزوهم فجاؤوا منكرين ما قاله عنهم :

{ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأِ } خبر { فتبينوا } صدقه من كذبه ، وفي قراءة فتثبتوا من الثبات { أن تصيبوا قوماً } مفعول له ، أي خشية ذلك { بجهالة } حال من الفاعل ، أي جاهلين { فتصبحوا } تصيروا { على ما فعلتم } من الخطأ بالقوم { نادمين } وأرسل صلى الله عليه وسلم إليهم بعد عودهم إلى بلادهم خالداً فلم فيهم إلا الطاعة والخير فأخبر النبي بذلك .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ} (6)

قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } الآية ، نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق بعد الوقعة مصدقاً ، وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية ، فلما سمع به القوم تلقوه تعظيماً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله فهابهم فرجع من الطريق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وهم أن يغزوهم ، فبلغ القوم رجوعه فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله سمعنا برسولك فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قبلناه من حق الله عز وجل ، فبدا له الرجوع ، فخشينا أنه إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله ، فاتهمهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعث خالد بن الوليد إليهم خفية في عسكر وأمره أن يخفي عليهم قدوم قومه ، وقال له : انظر فإن رأيت منهم ما يدل على إيمانهم فخذ منهم زكاة أموالهم ، وإن لم تر ذلك فاستعمل فيهم ما يستعمل في الكفار ، ففعل ذلك خالد ، ووافاهم فسمع منهم أذان صلاتي المغرب والعشاء ، فأخذ منهم صدقاتهم ، ولم ير منهم إلا الطاعة والخير ، فانصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر ، فأنزل الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق } يعني الوليد بن عقبة ، { بنبأ } بخبر ، { فتبينوا أن تصيبوا } أي لا تصيبوا بالقتل والقتال ، { قوماً } برآء ، { بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } من إصابتكم بالخطأ .