تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ} (6)

قوله :{ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي إلى بني المصطلق ، وهم حي من خزاعة ، ليقبض صدقة أموالهم ، فلما بلغهم ذلك فرحوا واجتمعوا ليتلقوه ، فبلغ الوليد ذلك فخافهم على نفسه ، وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية من أجل شيء كانوا أصابوه ، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،

فقال : طردوني ومنعوني الصدقة ، وكفروا بعد إسلامهم ، فلما قال ذلك انتدب المسلمون لقتالهم .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إلا حتى أعلم العلم" ، فلما بلغهم أن الوليد رجع من عندهم ، بعثوا وفدا من وجوههم فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فقالوا : يا رسول الله ، إنك أرسلت إلينا من يأخذ صدقاتنا فسررنا بذلك ، وأردنا أن نتلقاه ، فذكر لنا أنه رجع من بعض الطريق فخفنا أنه إنما رده غضب علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله ، والله ما رأيناه ولا أتانا ، ولكن حمله على ذلك شيء كان بيننا وبينه في الجاهلية ، فهو يطلب يدخل الجاهلية ، فصدقهم النبي صلى الله عليه وسلم .

فأنزل الله تعالى في الوليد ثلاث آيات متواليات بفسقه وكذبه { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ } يقول : إن جاءكم كاذب بحديث كذب { فتبينوا أن تصيبوا } قتل { قوما بجهالة } وأنتم جهال بأمرهم ، يعني بني المصطلق { فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } يعني الذين انتدبوا لقتال بني المصطلق .