تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا} (18)

{ 18-21 } { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا }

يخبر تعالى بفضله ورحمته ، برضاه عن المؤمنين إذ يبايعون الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المبايعة التي بيضت وجوههم ، واكتسبوا بها سعادة الدنيا والآخرة ، وكان سبب هذه البيعة -التي يقال لها " بيعة الرضوان " لرضا الله عن المؤمنين فيها ، ويقال لها " بيعة أهل الشجرة " - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه ، وأنه لم يجئ لقتال أحد ، وإنما جاء زائرا هذا البيت ، معظما له ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان لمكة في ذلك ، فجاء خبر غير صادق ، أن عثمان قتله المشركون ، فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من معه من المؤمنين ، وكانوا نحوا من ألف وخمسمائة ، فبايعوه تحت شجرة على قتال المشركين ، وأن لا يفروا حتى يموتوا ، فأخبر تعالى أنه رضي عن المؤمنين في تلك الحال ، التي هي من أكبر الطاعات وأجل القربات ، { فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } من الإيمان ، { فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ } شكرا لهم على ما في قلوبهم ، زادهم هدى ، وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط التي شرطها المشركون على رسوله ، فأنزل عليهم السكينة تثبتهم ، وتطمئن بها قلوبهم ، { وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } وهو : فتح خيبر ، لم يحضره سوى أهل الحديبية ، فاختصوا بخيبر وغنائمها ، جزاءا لهم ، وشكرا على ما فعلوه من طاعة الله تعالى والقيام بمرضاته .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{۞لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا} (18)

{ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل النار إن شاء الله أحد من أهل الشجرة الذين بايعوا تحتها " ، وفي الحديث : أنهم كانوا ألفا وأربعمائة وقيل : ألفا وخمسمائة وسبب هذه البيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ الحديبية وهي موضع على نحو عشرة أميال من مكة أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه رسولا إلى أهل مكة يخبرهم أنه إنما جاء ليعتمر وأنه لا يريد حربا فلما وصل إليهم عثمان حبسه أقاربه كرامة له فصرخ صارخ أن عثمان قد قتل فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة على القتال وأن لا يفر أحد " وقيل : بايعوه على الموت ثم جاء عثمان بعد ذلك سالما وانعقد الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة على أن يرجع ذلك العام ويعتمر في العام القابل ، والشجرة المذكورة كانت سمرة هنالك ثم ذهبت بعد سنين فمر عمر بن الخطاب بالموضع في خلافته فاختلف الصحابة في موضعها .

{ فعلم ما في قلوبهم } يعني : من صدق الإيمان وصدق العزم على ما بايعوا عليه وقيل : من كراهة البيعة على الموت وهذا باطل لأنه ذم للصحابة وقد ذكرنا السكينة .

{ وأثابهم فتحا قريبا } يعني : فتح خيبر ، وقيل : فتح مكة والأول أشهر أي : جعل الله ذلك ثوابا لهم على بيعة الرضوان زيادة على ثواب الآخرة .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{۞لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا} (18)

{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ( 18 ) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ( 19 ) }

لقد رضي الله عن المؤمنين حين بايعوك -يا محمد- تحت الشجرة ( وهذه هي بيعة الرضوان في " الحديبية " ) فعلم الله ما في قلوب هؤلاء المؤمنين من الإيمان والصدق والوفاء ، فأنزل الله الطمأنينة عليهم وثبَّت قلوبهم ، وعوَّضهم عمَّا فاتهم بصلح " الحديبية " فتحًا قريبًا ، وهو فتح " خيبر " ،