تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (16)

{ 16 - 17 } { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ }

أي : قال إبليس - لما أبلس وأيس من رحمة اللّه - { فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ } أي : للخلق { صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } أي : لألزمن الصراط ولأسعى غاية جهدي على صد الناس عنه وعدم سلوكهم إياه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (16)

وهنا يعلن إبليس في تبجح خبيث - وقد حصل على قضاء بالبقاء الطويل - أنه سيرد على تقدير الله له الغواية وإنزالها به ، بسبب معصيته وتبجحه ؛ بأن يغوي ذلك المخلوق الذي كرمه الله ، والذي بسببه كانت مأساة إبليس ولعنه وطرده ! ويجسم هذا الإغواء بقوله الذي حكاه القرآن عنه :

( لأقعدن لهم صراطك المستقيم . ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم ، وعن أيمانهم وعن شمائلهم ) . .

إنه سيقعد لآدم وذريته على صراط الله المستقيم ، يصد عنه كل من يهم منهم باجتيازه - والطريق إلى الله لا يمكن أن يكون حساً ، فالله سبحانه جل عن التحيز ، فهو إذن طريق الإيمان والطاعات المؤدي إلى رضى الله –

/خ25

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (16)

يخبر تعالى أنه لما أنظر إبليس { إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }{[11590]} واستوثق إبليس بذلك ، أخذ في المعاندة والتمرد ، فقال : { فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } أي : كما أغويتني .

قال ابن عباس : كما أضللتني . وقال غيره : كما أهلكتني لأقعدن لعبادك - الذين تخلقهم من ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه - على { صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } أي : طريق الحق وسبيل النجاة ، ولأضلنهم{[11591]} عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك بسبب إضلالك إياي .

وقال بعض النحاة : الباء هاهنا قسمية ، كأنه يقول : فبإغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم .

قال مجاهد : { صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } يعني : الحق .

وقال محمد{[11592]} بن سوقة ، عن عون بن عبد الله : يعني طريق مكة .

قال ابن جرير : والصحيح أن الصراط المستقيم أعم من ذلك [ كله ]{[11593]} .

قلت : لما روى الإمام أحمد :

حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا أبو عَقِيل - يعني الثقفي عبد الله بن عقيل - حدثنا موسى بن المسيب ، أخبرني سالم بن أبي الجَعْد عن سَبْرَة بن أبي فَاكِه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الشيطان قعد لابن آدم بطرقه ، فقعد له بطريق الإسلام ، فقال : أتسلم وتذر دينك ودين آبائك ؟ " . قال : " فعصاه وأسلم " . قال : " وقعد له بطريق{[11594]} الهجرة فقال : أتهاجر وتدع{[11595]} أرضك وسماءك ، وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطّوَل ؟ فعصاه وهاجر ، ثم قعد له بطريق{[11596]} الجهاد ، وهو جهاد النفس والمال ، فقال : تقاتل فتقتل ، فتنكح المرأة ويقسم المال ؟ " . قال : " فعصاه ، فجاهد " . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فمن فعل ذلك منهم{[11597]} فمات ، كان حقًا على الله أن يدخله الجنة ، أو قتل كان{[11598]} حقا على الله ، عز وجل ، أن يدخله الجنة ، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، أو{[11599]} وَقَصته دابة كان حقا على الله أن يدخله الجنة " {[11600]} .


[11590]:في م: "الدين" وهو خطأ.
[11591]:في أ: "أفلأضلنهم".
[11592]:في أ: "مجاهد".
[11593]:زيادة من ك.
[11594]:في د: "في طريق".
[11595]:في د، ك، م، أ: "وتذر".
[11596]:في د: "في طريق".
[11597]:في د: "منهم ذلك".
[11598]:في ك: "وإن قتل كان"، وفي م: "وإن كان قتل".
[11599]:في م: "وإن".
[11600]:المسند (3/483).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (16)

{ قال فبما أغويتني } أي بعد أن أمهلتني لاجتهدن في إغوائهم بأي طريق يمكنني بسبب إغوائك إياي بواسطتهم تسمية ، أو حملا على الغي ، أو تكليفا بما غويت لأجله والباء متعلقة بفعل القسم المحذوف لا بأقعدن فإن اللام تصد عنه وقيل الباء للقسم : { لأقعدن لهم } ترصدا بهم كما يقعد القطاع للسابلة . { صراطك المستقيم } طريق الإسلام ونصبه على الظرف كقوله :

لدن بهزّ الكف يعسل متنه *** فيه كما عسل الطريق الثعلب

وقيل تقديره على صراطك كقولهم : ضرب زيد الظهر والبطن .