لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (16)

{ قال } يعني إبليس { فبما أغويتني } يعني فبأي شيء أضللتني فعلى هذا تكون ما استفهامية وتم الكلام عند قوله أغويتني ثم ابتدأ فقال { لأقعدن لهم صراطك المستقيم } وقيل : هي باء القسم تقديره فبإغوائك إياي وقيل معناه فيما أوقعت في قلبي الغي الذي كان سبب هبوطي إلى الأرض من السماء وأضللتني عن الهدى لأقعدن لهم صراطك المستقيم يعني لأجلسن على طريقك القويم وهو طريق الإسلام . وقيل المراد بالصراط المستقيم الطريق الذي يسلكونه إلى الجنة وذلك بأن أوسوس إليهم وأزين لهم الباطل وما يكسبهم المآثم . وقيل : المراد بالصراط المستقيم هنا طريق مكة يعني يمنعهم من الهجرة . وقيل : المراد به الحج . والقول الأول أولى لأنه يعم الجميع ومعنى لأردنَّ بني آدم عن عبادتك وطاعتك ولأغوينهم ولأضلنَّهُم كما أضللتني . عن سبرة بن أبي الفاكه قال : سمعت رسول الله عليه وسلم يقول : « إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقة قعد له في طريق الإسلام فقال تسلم وتذر دين آبائك وآباء آبائك فعصاه وأسلم ، وقعد له بطريق الهجر فقال تهاجر وتذر أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول فعصاه فهاجر وقعد له بطريق الجهاد فقال تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصاه فجاهد قال فمن فعل ذلك كان حقاً على الله أن يدخله الجنة وإن غرق كان حقاً على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقاً على الله أن يدخله الجنة » أخرجه النسائي .