الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ} (16)

قوله : { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك } [ الأعراف :16 ]

المعنى : لأعترضنَّ لهم في طَريق شرعك ، وعبادتك ، ومنهج النجاة ، فَلأَصُدَّنهم عنه .

ومنه قوله عليه السلام : ( إن الشيطان قَعَدَ لابن آدَمَ بأطرُقِهِ نَهَاهُ عن الإِسْلاَمِ ، وقال : تَتْرُكُ دِينَ آبائك ، فَعَصَاهُ فأسلم ، فنهاه عن الهِجْرَةِ ، فقال : تَدَعُ أَهْلَكَ وَبَلَدَك ، فعصاه فهاجر ، فنهاه عن الجِهَاد ، فقال : تُقْتَلُ وتترك وَلَدَكَ ، فَعَصَاهُ فجاهد فله الجَنَّة ) الحديث .

وقوله سبحانه : { ثُمَّ لأَتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمانهم وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكرين قَالَ اخرج مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أجْمَعِينَ }[ الأعراف :17-18 ] .

مقصد الآية أن إبليس أَخْبَرَ عن نفسه أنه يأتي إِضْلاَلَ بني آدم من كُلِّ جهة ، فعبر عن ذلك بأَلْفَاظٍ تقتضي الإِحَاطَةَ بهم ، وفي اللفظ تَجَوُّزٌ ، وهذا قَوْلُ جَمَاعَةٍ من المفسرين .

قال الفخر : وقوله : { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صراطك المستقيم }[ الأعراف :16 ] أي : على صِرَاطِكَ ، أجمع النحاة على تقدير «على » في هذا الموضع ، انتهى .