{ قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي } . اختلفوا في ما قال : فبعضهم قال : هو استفهام يعني فبأي شيء أغويتني ثمّ ابتدأ فقال { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ } فقيل : هو ما الجزاء يعني فإنّك أغويتني لأجل أنك أغويتني لأقعدن ، وقيل : هو ما المصدر في موضع القسم تقديره : بإغوائك إياي لأقعدن كقوله
{ بِمَا غَفَرَ لِي } [ يس : 27 ] يعني بغفران ربّي .
وقوله أغويتني أضللتني عن الهدى . وقيل : أهلكتني ، من قول العرب غوى الفصيل [ يعني ] غوي وذلك إذا فقد اللبن فمات . قال الشاعر :
معطفة الأثناء ليس فصيلها *** برازئها دراً ولا ميّت غوى
وحكى عن بعض قبائل طي أنها تقول : أصبح فلان غاوياً أي مريضاً غاراً ، وقال محمد بن جرير : أصل الإغواء في كلام العرب تزيين الرجل للرجل الشيء حتّى يحسنه عنده غاراً له .
قال الثعلبي : وأخبرنا أبو بكر محمد بن محمد الحسين بن هاني قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد [ الراوساني ] قال : حدثنا عليّ بن سلمة قال : حدثنا أبو معاوية الضرير عن رجل لم يسمّ قال : كنت [ عند ] طاووس في المسجد الحرام فجاء رجل ممّن يرمي القدر من كبار الفقهاء فجلس إليه فقال طاووس : [ يقوم أو يقام ] فقام الرجل فقال لطاووس : تقول هذا الرجل فقيه ، فقال إبليس : أفقه منه بقول إبليس ربِ بما أغويتني ويقول : هذا أنا أغوي نفسي .
{ لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } يعني لأجلسنّ [ لبني آدم ] على طريقك القويم وهو الإسلام كما قال أوعجلتم أمر ربّكم يعني عن أمر ربّكم .
وروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه كان يقول : " إن الشيطان قعد لبني آدم بطرق فقعد له بطريق الإسلام فقال له : أتسلم وتذر دينك ودين آبائك ، فعصاه فأسلم ثمّ قعد له بطريق الهجرة فقال : أتهاجر وتذر أرضك وسماءك فإنّما مثل المهاجر كالفرس في الطول . فعصاه وهاجر ثمّ قعد له بطريق الجهاد وهو جهد النفس والمال فقال : أتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصا له وجاهد " .
وعن عون بن عبد الله { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } قال : طريق مكّة
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.