تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الفلق ، [ وهي ] مكية .

{ 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }

أي : { قل } متعوذًا { أَعُوذُ } أي : ألجأ وألوذ ، وأعتصم { بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي : فالق الحب والنوى ، وفالق الإصباح .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الفلق

مقدمة وتمهيد

1- سورة " الفلق " تسمى –أيضا- سورة { قل أعوذ برب الفلق } ، وتسمى هي والتي بعدها بالمُعْوِذَتَيْنِ ، وكان نزولهما على الترتيب الموجود في المصحف .

ويرى الحسن وعطاء وعكرمة أنهما مكيتان ، ويرى قتادة وجماعة أنهما مدنيتان .

قال الآلوسي عند تفسيره لهذه السورة : هي مكية في قول الحسن . . ومدنية في رواية عن ابن عباس . وفي قول قتادة وجماعة ، وهو الصحيح ؛ لأن سبب نزولها سحر اليهود . . ( {[1]} ) .

وقد سار السيوطي في إتقانه على أنهما مكيتان ، وأن نزول سورة الفلق كان بعد نزول سورة " الفيل " وقبل سورة " الصمد " .

2- وعدد آياتها خمس آيات ، والغرض الأكبر منها تعليم النبي صلى الله عليه وسلم كيف يستعيذ بالله –تعالى- من شرور الحاقدين والجاحدين والسحرة والفاسقين عن أمر ربهم . .

الفلق : أصله شق الشيء عن الشيء ، وفصل بعض عن بعض ، والمراد به هنا : الصبح ، وسمى فلقا لانفلاق الليل وانشقاقه عنه ، كما فى قوله - تعالى - : { فَالِقُ الإصباح } أي : شاقٌّ ظلمة آخر الليل عن بياض الفجر . .

ويصح أن يكون المراد به ، كل ما يفلقه الله - تعالى - من مخلوقات كالأرض التى تنفلق عن النبات ، والجبال التى تنفلق عن عيون الماء . .

أي : قل - أيها الرسول الكريم - أعوذ وأستجير وأعتصم ، بالله - تعالى - الذي فلق الليل ، فانشق عنه الصباح ، والذي هو رب جميع الكائنات ، ومبدع كل المخلوقات . .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : أستجير بربّ الفلق من شرّ ما خلق من الخلق .

واختلف أهل التأويل في معنى الفلق ، فقال بعضهم : هو سجن في جهنم يسمى هذا الاسم . ذكر من قال ذلك :

حدثني الحسين بن يزيد الطحان ، قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله ، عمن حدثه عن ابن عباس قال : الفلق : سجن في جهنم .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيريّ ، قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن رجل ، عن ابن عباس ، في قوله : الفَلَقِ : سجن في جهنم .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا العوّام بن عبد الجبار الجَوْلانيّ ، قال : قَدِم رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشأم ، قال : فنظر إلى دُور أهل الذمة ، وما هم فيه من العيش والنضارة ، وما وُسّعَ عليهم في دنياهم ، قال : فقال : لا أبالك ، أليس من ورائهم الفلق ؟ قال : قيل : وما الفلق ؟ قال : بيت في جهنم ، إذ فُتح هَرّ أهل النار .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، قال : سمعت السّدّيّ يقول : الفَلَق : جُبّ في جهنم .

حدثني عليّ بن حسن الأزدي ، قال : حدثنا الأشجعيّ ، عن سفيان ، عن السديّ ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن السديّ ، مثله .

حدثني إسحاق بن وهب الواسطيّ ، قال : حدثنا مسعود بن موسى بن مشكان الواسطيّ ، قال : حدثنا نصر بن خْزَيمة الخراسانيّ ، عن شعيب بن صفوان ، عن محمد بن كعب القُرَظِيّ ، عن أبي هُريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «الفَلَق : جبّ في جهنم مغطّى » .

حدثنا ابن البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا نافع بن يزيد ، قال : حدثنا يحيى بن أبي أسيد ، عن ابن عجلان ، عن أبي عبيد ، عن كعب ، أنه دخل كنيسة فأعجبه حُسنها ، فقال : أحسن عمل وأضلّ قوم ، رضيت لكم الفلق ، قيل : وما الفلق ؟ قال : بيت في جهنم ، إذا فُتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه .

وقال آخرون : هو اسم من أسماء جهنم . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت خيثم بن عبد الله يقول : سألت أبا عبد الرحمن الحبلي ، عن الفلق ، قال : هي جهنم .

وقال آخرون : الفلق : الصبح . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه . عن ابن عباس : أعُوذُ برَبّ الْفَلَقِ قال : الفلق : الصّبْح .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، قال : أنبأنا عوف ، عن الحسن ، في هذه الآية : قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ . قال : الفلق : الصبح .

قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جُبير ، قال : الفلق الصبح .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران جميعا ، عن سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جُبير ، مثله .

حدثني عليّ بن الحسن الأزدي ، قال : حدثنا الأشجعيّ ، عن سفيان ، عن سالم ، عن سعيد بن جُبير ، مثله .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن الحسن بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، قال : الفَلَق : الصبح .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا الحسن بن صالح ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ، مثله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا أبو صخر ، عن القُرَظِيّ ، أنه كان يقول في هذه الآية : { قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ } يقول : فالق الحبّ والنوى ، قال : فالق الإصباح .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ } قال : الصبح .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة { قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ } قال : الفَلَق : فَلقَ النهار .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : الفلق : فلق الصبح .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ } قيل له : فَلَق الصبح ، قال : نعم ، وقرأ : { فالِقُ الإصْباحِ وَجاعِلُ اللّيْلِ سَكَنا } .

وقال آخرون : الفَلَق : الخلق ، ومعنى الكلام : قل أعوذ برب الخلق . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : الفلق : يعني الخلق .

والصواب من القول في ذلك ، أن يقال : إن الله جلّ ثناؤه أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول : { أعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ } ، والفلق في كلام العرب : فَلق الصبح ، تقول العرب : هو أبينُ من فَلَق الصّبح ، ومن فَرَق الصّبح . وجائز أن يكون في جهنم سجن اسمه فَلَق . وإذا كان ذلك كذلك ، ولم يكن جلّ ثناؤه وضعَ دلالة على أنه عُنِي بقوله بِرَبّ الْفَلَقِ بعض ما يُدْعَى الفلق دون بعض ، وكان الله تعالى ذكره ربّ كل ما خلق من شيء ، وجب أن يكون معنيا به كل ما اسمه الفَلَق ، إذ كان ربّ جميع ذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الفلق . {[1]}

هذه السورة قال ابن عباس : هي مدنية ، وقال قتادة : هي مكية .

الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد هو آحاد أمته ، وقال ابن عباس وابن جبير والحسن والقرظي وقتادة ومجاهد وابن زيد : { الفلق } : الصبح ، كقوله تعالى : { فالق الإصباح }{[12032]} [ الأنعام : 96 ] ، وقال ابن عباس أيضاً وجماعة من الصحابة والتابعين وغيرهم : { الفلق } : جب في جهنم ، ورواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم{[12033]}


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[12032]:من الآية 96 من سورة الأنعام.
[12033]:أخرجه ابن جرير، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة ، وقال الإمام ابن كثير عنه: "ورد في ذلك حديث مرفوع منكر، إسناده غريب، ولا يصح رفعه". وقال ابن جرير في تفسيره: والصواب القول الأول: إنه فلق الصبح، وقال ابن كثير: وهذا هو الصحيح، وهو اختيار البخاري في صحيحه.