تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{أَوَعَجِبۡتُمۡ أَن جَآءَكُمۡ ذِكۡرٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنكُمۡ لِيُنذِرَكُمۡۚ وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ قَوۡمِ نُوحٖ وَزَادَكُمۡ فِي ٱلۡخَلۡقِ بَصۜۡطَةٗۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (69)

{ أَوَ عَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ } أي : كيف تعجبون من أمر لا يتعجب منه ، وهو أن اللّه أرسل إليكم رجلا منكم تعرفون أمره ، يذكركم بما فيه مصالحكم ، ويحثكم على ما فيه النفع لكم ، فتعجبتم من ذلك تعجب المنكرين .

{ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } أي : واحمدوا ربكم واشكروه ، إذ مكن لكم في الأرض ، وجعلكم تخلفون الأمم الهالكة الذين كذبوا الرسل ، فأهلكهم اللّه وأبقاكم ، لينظر كيف تعملون ، واحذروا أن تقيموا على التكذيب كما أقاموا ، فيصيبكم ما أصابهم ، { و } اذكروا نعمة اللّه عليكم التي خصكم بها ، وهي أن { زَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً } في القوة وكبر الأجسام ، وشدة البطش ، { فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ } أي : نعمه الواسعة ، وأياديه المتكررة { لَعَلَّكُمْ } إذا ذكرتموها بشكرها وأداء حقها { تُفْلِحُونَ } أي : تفوزون بالمطلوب ، وتنجون من المرهوب ، فوعظهم وذكرهم ، وأمرهم بالتوحيد ، وذكر لهم وصف نفسه ، وأنه ناصح أمين ، وحذرهم أن يأخذهم اللّه كما أخذ من قبلهم ، وذكرهم نعم اللّه عليهم وإدرار الأرزاق إليهم ، فلم ينقادوا ولا استجابوا .