{ أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ من رَبّكُمْ } الكلامُ فيه كالذي مر في قصة نوح عليه السلام { على رَجُلٍ منكُمْ } أي من جنسكم { لِيُنذِرَكُمْ } ويحذرَكم عاقبةَ ما أنتم عليه من الكفر والمعاصي حتى نسبتموني إلى السفاهة والكذبِ ، وفي إجابة الأنبياءِ صلواتُ الله وسلامُه عليهم أجمعين من يشافِهُهم بما لا خير فيه من أمثال تلك الأباطيلِ ، بما حُكيَ عنهم من المقالات الحقة المعربة عن نهاية الحلم والرزانة وكمالِ الشفقةِ والرأفة ، من الدلالة على حيازتهم القدحَ المُعلَّى{[270]} من مكارم الأخلاق ، ما لا يخفى مكانُه . { واذكروا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء } شروعٌ في بيان ترتيبِ أحكامِ النصح والأمانةِ والإنذارِ وتفصيلِها ، وإذ منصوبٌ باذكروا على المفعولية دون الظرفية ، وتوجيهُ الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودةُ بالذات للمبالغة في إيجاب ذكرِها لما أن إيجابَ ذكرِ الوقت إيجابٌ لذكر ما فيه بالطريق البرهاني ، ولأن الوقتَ مشتملٌ عليها ، فإذا استُحضر كانت هي حاضرةً بتفاصيلها كأنها مشاهَدةٌ عياناً ، ولعله معطوفٌ على مقدر كأنه قيل : لا تعجبوا من ذلك أو تدبروا في أمركم واذكروا وقتَ جعْلِه تعالى إياكم خلفاءَ { مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } أي في مساكنهم أو الأرض بأن جعلكم ملوكاً ، فإن شدادَ بنَ عاد ممن ملك معمورةَ الأرضِ من رمل عالِج{[271]} إلى شجر عمان { وَزَادَكُمْ في الخلق } أي في الإبداع والتصوير أو في الناس { بَسْطَةً } قامةً وقوةً فإنه لم يكن في زمانهم مثلُهم في عِظَم الأجرام{[272]} ، قال الكلبي والسدي كانت قامةُ الطويلِ منهم مائةَ ذراعٍ وقامةُ القصير ستين ذراعاً { فاذكروا آلاء الله } التي أنعم بها الله عليكم من فنون النَّعماءِ التي هذه من جملتها . وهذا تكريرٌ للتذكير لزيادة التقرير ، وتعميمٌ إثرَ تخصيص { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } كي يؤديَكم ذلك إلى الشكر المؤدّي إلى النجاة من الكروب والفوزِ بالمطلوب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.