السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَوَعَجِبۡتُمۡ أَن جَآءَكُمۡ ذِكۡرٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنكُمۡ لِيُنذِرَكُمۡۚ وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ قَوۡمِ نُوحٖ وَزَادَكُمۡ فِي ٱلۡخَلۡقِ بَصۜۡطَةٗۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (69)

{ أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم } سبق تفسيره .

تنبيه : في إجابة الأنبياء الكفرة عن كلماتهم الحمقاء بما أجابوا والإعراض عن مقالتهم كمال النصح والشفقة وهضم النفس وحسن المجادلة وهكذا ينبغي لكل ناصح { واذكروا } نعمة الله عليكم { إذا جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح } أي : خلفتموهم في الأرض أو جعلكم ملوكاً في الأرض فإنّ شداد بن عاد ممن ملك معمورة الأرض من رمل عالج وهو موضع بالبادية بها رمل إلى شحر عمان وهو بفتح الشين المعجمة وكسرها وبالحاء المهملة ساحل البحر بين عمان وعدن { وزادكم في الخلق بسطة } أي : طولاً وقوّة قال الجلال المحلى في سورة الفجر : كان طول الطويل منهم أربعمائة ذراع وقامة القصير ستين ذراعاً ، وقال أبو حمزة اليماني : سبعون ذراعاً ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ثمانون ذراعاً ، وقال مقاتل : كان طول كل رجل اثني عشر ذراعاً ، أخرج ابن عساكر عن وهب بذراعهم أي : على الأقوال كلها ، وقال وهب : كان رأس أحدهم مثل القبة العظمية وكان عين الرجل أي : بعد موته تفرخ فيها الضباع وكذا مناخرهم ، وقرأ نافع والبزي وشعبة والكسائي بالصاد وأبو عمرو وهشام وقنبل وحفص وخلف بالسين وأمّا ابن ذكوان وخلاد فقرآا بالسين والصاد { فاذكروا آلاء الله } أي : أنعمه أي : اعملوا بما يليق بذلك الإنعام وهو أن تؤمنوا به وتتركوا ما أنتم عليه من عبادة الأصنام { لعلم تفلحون } أي : تفوزون بالنعيم المقيم في الآخرة .