تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدٗاۚ لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِۚ فِيهِ رِجَالٞ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ} (108)

{ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ْ } أي : لا تصل في ذلك المسجد الذي بني ضرارا أبدا . فاللّه يغنيك عنه ، ولست بمضطر إليه .

{ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ْ } ظهر فيه الإسلام في " قباء " وهو مسجد " قباء " أسس على إخلاص الدين للّه ، وإقامة ذكره وشعائر دينه ، وكان قديما في هذا عريقا فيه ، فهذا المسجد الفاضل { أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ْ } وتتعبد ، وتذكر اللّه تعالى فهو فاضل ، وأهله فضلاء ، ولهذا مدحهم اللّه بقوله : { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا ْ } من الذنوب ، ويتطهروا من الأوساخ ، والنجاسات والأحداث .

ومن المعلوم أن من أحب شيئا لا بد أن يسعى له ويجتهد فيما يحب ، فلا بد أنهم كانوا حريصين على التطهر من الذنوب والأوساخ والأحداث ، ولهذا كانوا ممن سبق إسلامه ، وكانوا مقيمين للصلاة ، محافظين على الجهاد ، مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، وإقامة شرائع الدين ، وممن كانوا يتحرزون من مخالفة اللّه ورسوله .

وسألهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما نزلت هذه الآية في مدحهم عن طهارتهم ، فأخبروه أنهم يتبعون الحجارة الماء ، فحمدهم على صنيعهم .

{ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ْ } الطهارة المعنوية ، كالتنزه من الشرك والأخلاق الرذيلة ، والطهارة الحسية كإزالة الأنجاس ورفع الأحداث .