تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدٗاۚ لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِۚ فِيهِ رِجَالٞ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ} (108)

{ لا تقم فيه أبدا } يعنى في مسجد المنافقين إلى الصلاة أبدا ، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي فيه ، ولا يمر عليه ، ويأخذ غير ذلك الطريق ، وكان قبل ذلك يصلي فيه ، ثم قال : { لمسجد } يعني مسجد قباء ، وهو أول مسجد بني بالمدينة ، { أسس } يعني بني ، { على التقوى من أول يوم } يعنى أول مرة ، { أحق أن تقوم في }ه إلى الصلاة ؛ لأنه كان بني من قبل مسجد المنافقين ، ثم قال : { فيه رجال } ، يعنى في مسجد قباء ، { يحبون أن يتطهروا } من الأحداث والجنابة ، { والله يحب المطهرين } [ آية : 108 ] نزلت في الأنصار .

فلما نزلت هذه الآية ، انطلق النبي صلى الله عليه وسلم حتى قام على باب مسجد قباء ، وفيه المهاجرون والأنصار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المسجد : "أمؤمنون أنتم ؟" فسكتوا فلم يجيبوه ، ثم قال ثانية : "أمؤمنون أنتم ؟" قال عمر بن الخطاب : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أتؤمنون بالقضاء ؟" قال عمر : نعم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أتصبرون على البلاء ؟" قال عمر : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أتشكرون على الرخاء ؟" فقال عمر : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أنتم مؤمنون ورب الكعبة" وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار : "إن الله عز وجل قد أثنى عليكم في أمر الطهور ، فماذا تصنعون ؟" قالوا : نمر الماء على أثر البول والغائط ، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين } ، ثم إن مجمع بن حارثة حسن إسلامه ، فبعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة يعلمهم القرآن ، وهو علم عبد الله بن مسعود ، لقنه القرآن .