بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَفِي ٱلۡأَرۡضِ قِطَعٞ مُّتَجَٰوِرَٰتٞ وَجَنَّـٰتٞ مِّنۡ أَعۡنَٰبٖ وَزَرۡعٞ وَنَخِيلٞ صِنۡوَانٞ وَغَيۡرُ صِنۡوَانٖ يُسۡقَىٰ بِمَآءٖ وَٰحِدٖ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ بَعۡضٖ فِي ٱلۡأُكُلِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (4)

ثم بيّن أن في الأرض علامات كثيرة ، ودلائل كثيرة لوحدانيته ، لمن له عقل سليم فقال تعالى : { وَفِى الأرض قِطَعٌ متجاورات } يعني : بالقطع الأرض السبخة ، والأرض العذبة . { متجاورات } يعني : ملتزقات ، متدانيات ، قريبة بعضها من بعض ، فتكون أرض سبخة ، وتكون إلى جنبها أرض طيبة جيدة . وقال قتادة : { قِطَعٌ متجاورات } أي : قرى متجاورات . ويقال : العمران ، والخراب ، والقرى والمغاور . { وجنات مّنْ أعناب } يعني : الكروم { وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صنوان وَغَيْرُ صنوان } قرأ بعضهم : بضم الصاد . وقراءة العامة : بالكسر . وهما لغتان ومعناهما واحد . قال مجاهد وقتادة : الصنوان النخلة التي في أصلها نخلتان ، وثلاث أصلهن واحدة . وقال الضحاك : يعني : النخل المتفرق والمجتمع ويقال { صنوان } النخلة التي بجنبها نخلات { وغير صنوان } يعني : المنفردة . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لاَ تُؤْذُونِي فِي العَبَّاسِ ، فإِنَّهُ بَقِيةُ آبَائي ، وإنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ » . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم في رواية حفص : { وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صنوان } كلها بالضم على معنى الابتداء . وقرأ الباقون : كلها بالكسر على معنى النعت للجنات . ويقال : على وجه المجاورة . لأن الزرع لا يكون في الجنات .

ثم قال : { يسقى بِمَاء واحد وَنُفَضّلُ بَعْضَهَا على بَعْضٍ فِى الأكل } يعني : الماء ، والتراب واحد . وتكون الثمار مختلفة في ألوانها ، وطعومها ، لأنه لو كان ظهور الثمار بالماء والتراب ، لوجب في القياس ، أن لا تختلف الألوان والطعوم ، ولا يقع التفاضل في الجنس الواحد إذا ثبت في مغرس واحد ، وسقي بماء واحد ، ولكنه صنع اللطيف الخبير . وقال مجاهد : هذا مثل لبني آدم ، أصلهم من أب واحد ، ومنهم صالح ، ومنهم خبيث .

ثم قال تعالى : { إِنَّ فِى ذَلِكَ } يعني : فيما ذكر { لآيات لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أنه من الله تعالى . قرأ حمزة والكسائي : { يسقى } وَ { ***يُفَضَّلُ } بالياء وقرأ عاصم وابن عامر في إحدى الروايتين : { صنوان يسقى } بالياء بلفظ التذكير ، { وَنُفَضّلُ } بالنون . وقرأ الباقون : { تُسْقَى } بالتاء { وَنُفَضّلُ } بالنون .