وقوله تعالى : ( وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ ) دل قوله : ( قطع متجاورات ) أن التجاور إنما يذكر ويثبت إذا كان الأرض أرضا واحدة فإنه لا يقال فيها الشركة[ في الأصل وم : التجاور ] فهذا يبطل قول من يقول : إن التجاور إنما يذكر في ما فيه الشركة ، فتجب الشفعة في ما فيه الشركة ، وأما في غيره فلا تجب . وأما عندنا فهو[ في الأصل وم : هو ] ما ذكر عز وجعل أنه إنما أثبت التجاور في الأرض التي صارت قطعا .
وقوله تعالى : ( وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وجنات من أعناب ) القطع المتجاورة هي الأرضون الضواحي التي تصلح للزرع ( وغير صنوان ) التي تنبت وحدها . وقيل : ( صنوان ) هي النخلة ، تخرج ، فإذا خرجت انشعبت بعد خروج الأصل ، فهو الصنوان ، ولهذا قيل : عم الرجل صنو أبيه .
[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ ) أي يسقى ما ذكر من الزرع والنخل والجنات بماء واحد ( وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ ) يذكر هذا ، والله أعلم ، أن جواهر الأرض كلها واحد ، وهي قطع متجاورات[ في الأصل وم : متجاورة ] بعضها ببعض ، ثم هي مختلفة في حق الثمار والفواكه . وكذلك الأشجار والنخيل كلها من جوهر من جنس واحد ، والأرض في جوهرها [ واحدة ][ ساقطة من الأصل وم ] وتسقى كلها بماء واحد ، ثم تخرج [ الثمار مختلفة ][ في الأصل وم : مختلفا ] في ألوانها وطعومها وطيبها وخبثها ومناظرها ليعلم أنها لم تكن بنفسها ولا بالأسباب التي جعلها ، ولكن بلطف واحد مدبر عليم حكيم لأنها[ في الأصل وم : لا أنها ] لو كانت بأنفسها وطباعها وبالأسباب لكانت كلها واحدة متفقة في طيبها خبثها وألوانها وطعومها . فلما لم يكن ما ذكرنا على لون واحد ولا طعم واحد ولا منظر واحد ، دل أنه كان بتدبير مدبر واحد عليم لطيف . وقوله تعالى : ( وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ ) قيل في الحمل : بعضها أكثر حملا من بعض ، وبعضها يحمل ، وبعضها لا . ولكن ما ذكرنا في الطيب والخبيث والطعم واللون والمنظر مفضل بعضه على بعض . وأصله أن الأرض واحدة [ قطعها ][ ساقطة من الأصل وم ] متجاورة متصلة بعضها ببعض ، والماء واحد . ثم خرجت الثمار والفواكه والزروع مختلفة متفرقة ليعلم أن ذلك ليس هو عمل الأرض ولا عمل الماء ولا عمل الأسباب والطباع ، ولكن باللطف من الله لأنه لو كان بالماء أو بالأرض أو بالأسباب أو الطباع لكانت متفقة مستوية .
[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ ) لما ذكرنا من وحدانيته وتدبيره وعلمه وحكمته ( لقوم يعقلون ) أي لقوم همتهم العقل والفهم والنظر والتفكر في الآيات ، لا لقوم همتهم العناد والمكابرة ، أو لقوم ينتفعون بعقلهم وعملهم .
وقال الحسن : هذا مثل ضرب لقلوب بني آدم : كانت الأرض في الأصل طينة[ في الأصل وم : طيبة ] واحدة ، فسطحها الرحمن ، ثم بطحها ، فصارت الأرض قطعا متجاورات ، فينزل عليها الماء من السماء ؛ فتخرج هذه زهرتها وثمرتها وشجرها ، وتخرج نباتها ، وتحيي مواتها ، وتخرج هذه سبخها وملحها ، وكلتاهما تسقى بماء واحد ، فلو كان الماء مالحا قيل : استسبخت هذه من قبل الماء .
كذلك الناس ، خلقوا من آدم عليه السلام [ فينزل عليهم من السماء ذكرة ][ في الأصل وم : من السماء تذكرة ] واحدة ، فترق قلوب[ في الأصل وم : قلوبا ] ، فتسهو ، وتلهو ، وتجفو . /260-ب/ أو كلام نحوه .
ثم قال الحسن : والله ما جالس القرآن أحد إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان ، ثم تلا قوله تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا )[ الإسراء : 82 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.