ثم قال تعالى : { وفي الأرض قطع متجاورات {[35567]} } الآية [ 4 ] والمعنى : وفي الأرض قطع متدانيات ، وتت[ ف ] {[35568]}اضل في النبات ، فمنها قطعة سبخة ، لا تنبت شيئا ، وتجاورها {[35569]} قطعة طيبة تنبت . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك {[35570]} .
وقيل المعنى : وفي الأرض أمكنة متجاورة تسقى كلها بماء واحد ، وهي مختلفة . طعام {[35571]} النبات والثمر {[35572]} : بعضها حلو ، وبعضها حامض ، وبعضها {[35573]} مر ، وبعضها سباخ لا تنبت شيئا . ففي ذلك مع اتفاق شرب جميعها من ماء واحد ، دلالة على نفاذ قدرة الله ( تعالى ) {[35574]} ، وتعظيم سلطانه ، و[ ب ] {[35575]}دائع تركيباته سبحانه {[35576]} .
وقيل : في ( ال ) {[35577]}كلام حذف ، والمعنى : وفي الأرض قطع متجاورات وغير متجاورات ، ثم حذف لعلم السامع .
وقيل : المتجاورات : المدن ، وما كان عامرا ، والتي غير متجاورات {[35578]} : الصحاري ، وما كان غير عامر {[35579]} .
وقوله : ( { صنوان وغير صنوان }[ 4 ] : معنى صنوان : النخلة ، والنخلتان ، والثلاث ، والأربع أصلهم واحد ) {[35580]} {[35581]} ، { وغير صنوان } : النخلة ، والنخلتان ، والأكثر كل واحدة في أصل متفرق {[35582]} ، قاله البراء {[35583]} بن عازب {[35584]} .
وقال ابن عباس : معنى الصنوان : النخلة التي يخرج من أصلها النخلات فيحمل بعضه ، ولا يحمل البعض . فيكون أصله {[35585]} واحدا ، ورؤوسه متفرقة {[35586]} .
{ وغير صنوان } : كل واحدة من النخل في أصل واحد {[35587]} .
ومعنى الآية عند الحسن ، ( رحمه الله عليه ) {[35588]} ، أنه مثل ضربه الله [ تعالى ] {[35589]} لقلوب بني آدم ، وذلك أن الأرض كانت في يد الرحمن طينة واحدة ، فبسطها ، وبطحها {[35590]} فصارت قط[ عا ] {[35591]} متجاورات . فينزل عليها الماء ، فتخرج هذه زهرتها ، وثمرتها ، وشجرها ، وتخرج هذه ملحها ، وسبخها ، وخبثها : وكلتاهم تسقى بماء واحد .
فلو اختلف( ت ) {[35592]} مياهها {[35593]} لقيل : إنما وقع الاختلاف لأجل الماء ، كذلك الناس خلقوا من آدم {[35594]} .
وينزل عليهم من السماء ماءا : يذكرهم فترق قلوب {[35595]} ، وتخشع قلوب {[35596]}/ وتخضع ، وتقسو قلوب ، وتلهو {[35597]} وتسهو {[35598]} .
قال الحسن : والله ما جالس القرآن أحد ، إلا قام من عند بزيادة ، أو نقصان .
دليله قوله : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمومنين ولا نزيد الظالمين إلا خسارا } {[35599]} .
قال {[35600]} أبو محمد ، رضي الله عنه {[35601]} : هذه الآية نبه الله تعالى {[35602]} ( فيها على ) {[35603]} قدرته وحكمته ، وأنه المدير للأشياء كلها . وذلك أن الشجرة {[35604]} تخرج أغصانها ، وثمارها وقت معلوم لا تتأخر عنه ، ولا تتجاوزه . فدل ذلك على مدبر فعل ذلك . إذ {[35605]} لا يقدر الشجر على ذلك ، ثم يتصعد الماء في ذلك الوقت علوا علوا ، وليس من طبعه {[35606]} إلا التسفل . فدل ذلك على مصعد صعده {[35607]} ، إذ لا يقدر الماء والشجر على ذلك ، ثم يتفرق ذلك الماء في الورق والأغصان {[35608]} ، والثمرة كل {[35609]} بقسطه ، وبقدر ما فيه {[35610]} صلاحه ، فدل ذلك على مقسم قسمة ، ومجزئ جزأه على العدل {[35611]} والقوام . ثم تختلف {[35612]} طعوم الثمرات {[35613]} والماء واحد . والشجر جنس واحد . فدل ذلك على مدبر ( دبر ) {[35614]} ذلك ، وأحكمه لا يشبه المخلوقات : فهذا وأشباهه يدل على توحيد الخالق بالعقول ، وإفراده على كل شيء ، وبالحكمة واللطف في أفعاله {[35615]} بالرسل .
إنما أكدت هذا الذي هو ظاهر للعقول من إيجاب التوحيد ، وإثبات الصانع مع ما بينت الرسل من الشرائع .
وكل القراء كسر الصاد من ( صنوان ) ، إلا ما رواه ( أ )بو شعيب : {[35616]} عن حفص {[35617]} ، ( عن عاصم ) {[35618]} أنه قرأ بضم الصاد فيهما {[35619]} .
وهي لغة ( بني ) {[35620]} تميم ، وقيس . والكسر لغة أهل الحجاز {[35621]} ، وواحده صِنْوٌ كقنوان ، واحدهُ قِنْوٌ ونسوان {[35622]} : واحده نسوة {[35623]} ، ولا يعتد بالهاء {[35624]} .
وحكى سيبويه ( قنوان ) بالضم {[35625]} .
ثم قال تعالى : { تسقى بماء واحد }[ 4 ] : ( أي : يسقى ذلك بماء واحد ) {[35626]} من السماء ( و )بعضها يفضُلُ بعضا في الأكل : كالحلو {[35627]} ، والحامض ، والمر {[35628]} .
قال ابن جبير {[35629]} : هي الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ ، والكمثري {[35630]} ، والعنب الأبيض ، والأسود ، ويكون بعضها أكثر في الحمل {[35631]} من بعض {[35632]} .
ثم قال تعالى : { إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون }[ 4 ] : ( إن ) {[35633]} في اختلاف مطاعم هذه الشجر على ما تقدم وصفه لآيات : لعلامات لقوم يعقلون فيستدلون على أن الذي خالف بين {[35634]} هذه الشجر في الطعم والماء واحد {[35635]} ، والأرض واحدة : لهو الذي يقدر على مخالفة أحوال خلقه ، فيقسم لهذا هداية ، ولهذا ضلالة ، وتوفيقا لهذا ، وخذلانا لهذا . ولو شاء لَسَوًّى بين ( جميع ) {[35636]} طعم ثمر الشجر كله . كذلك لو شاء [ الله ] {[35637]} لسوى بين جميع الخلق في الهداية ، أو في الضلالة {[35638]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.