بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيۡرِ عَمَدٖ تَرَوۡنَهَاۖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ يُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُم بِلِقَآءِ رَبِّكُمۡ تُوقِنُونَ} (2)

ثم قال تعالى : { الله الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها } يعني : ليس لها عمد ترونها . وهذا قول الحسن وقتادة ، رفعها الله تعالى بغير عمد وقال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، معناه : لها عمد ، ولكن لا ترونها . يعني : أنتم ترونها بغير عمد في المشاهدة ، ولكن لها عمد . وكلا التفسيرين معناهما واحد . لأن من قال : إن لها عمداً ، ولكن لا ترونها ، يقول : العمد هو قدرة الله تعالى التي تمسك السموات والأرض .

{ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } قال ابن عباس : كان فوق العرش حين خلق السموات والأرض ، وقد ذكرناه من قبل { وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ } يعني : ضوء الشمس بالنهار ، وضوء القمر بالليل ، ذلك لبني آدم { كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُّسَمًّى } يقول : يسير إلى وقت معلوم لا يجاوزه ، وللشمس والقمر منازل ، كل واحد منهما يغرب في كل ليلة في منزل ويطلع في منزل ، حتى ينتهي إلى أقصى منازله { يُدَبِّرُ الأمْرَ } يعني : يقضي القضاء ، ويبعث الملائكة بالوحي ، والتنزيل { يُفَصِّلُ الآيَاتِ } يقول : يبيّن العلامات في القرآن { لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ } يعني : تصدقون بالبعث .