بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّآ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَۚ وَءَاتَيۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةٗ فَظَلَمُواْ بِهَاۚ وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّا تَخۡوِيفٗا} (59)

ثم قال تعالى : { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بالآيات } ، وذلك أن قريشاً طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بآية ، فنزل { وَمَا مَنَعَنَا } أي ليس أحد يمنعنا أن نرسل الآيات عندما سألوها . { إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون } ، يعني : تكذيب الأولين حين أتتهم الآيات ، فلم يؤمنوا فأتاهم العذاب .

قال الفقيه : حدّثنا الخليل بن أحمد قال : حدّثنا أبو العباس بن السراج قال : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال : حدّثنا جرير ، عن الأعمش ، عن جعفر بن إياس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الصفا لهم ذهباً ، وأن ينحي الجبال عنهم فيزرعونها ، فقيل له : إن شئت أن تستأني بهم لعلنا نتخير منهم ذرية ، وإن شئت أن نريهم الذي سألوا ، فإن كفروا ، أهلكوا كما هلك من كان قبلهم . فقال : « بَلْ أَسْتَأْنِي بِهِمْ » فنزل { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بالآيات إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون } .

ثم قال : { وآتينا ثمود الناقة مبصرة } ، أي معاينة يبصرونها ، ويقال : علامة لنبوته . { فَظَلَمُواْ بِهَا } ، أي جحدوا بها فعقروها ، فعذبوا ؛ فقال الله تعالى : { وَمَا نُرْسِلُ بالايات إِلاَّ تَخْوِيفًا } لهم ليؤمنوا ، فإِن أَبَوا أتاهم العذاب .