ثم قال تعالى : { وما منعنا أن نرسل بالآيات{[41263]} } [ 59 ] .
المعنى وما منعنا أن نرسل بالآيات [ التي{[41264]} ] اقترحتها{[41265]} قريش { إلا أن كذب بها الأولون } [ 59 ] فأهلكوا واستؤصلوا فلو أرسلت إلى هؤلاء بالآيات وكذبوا لأهلكوا واستؤصلوا ، ففعل{[41266]} الله [ عز وجل{[41267]} ] بهم في ترك مجيء الآيات التي سألوها فيه{[41268]} الصلاح{[41269]} .
وفي هذا ما يدل على أن الله جل ذكره أخر الآيات عن{[41270]} قريش ، لئلا يكفروا بها فيهلكوا كما فعل بالأمم قبلهم . فكان تأخيره لذلك{[41271]} لما علم أن منهم من{[41272]} يؤمن ومنهم من يولد له من يؤمن . فأخر الآيات ليتم علمه فيهم . وعلم من الأمم الأول أنه لا يؤمن أحد منهم ، ولا يولد لأحد [ منهم{[41273]} ] من يؤمن فأرسل الآيات فكفروا فأهلكوا . وأخر ذلك عن قريش ليتم ما علم منهم . وقد ظهرت آيات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم . فالمعنى في هذا : ما منعنا{[41274]} أن نرسل بالآيات التي معها الاصطلام{[41275]} والهلاك لمن كذب بها ، إلا أنا حكمنا على كافري{[41276]} أمة محمد [ صلى الله عليه وسلم ] بعذاب الآخرة وألا يصطلموا{[41277]} بعذاب الدنيا . وهو قوله { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين }{[41278]} . فالنبي صلى الله عليه وسلم رحمة للمؤمنين إذ{[41279]} أستنقذهم من الضلال وهداهم إلى الإيمان ، وهو رحمة للكافرين إذ أخر عذابهم والصطلامهم إلى الآخرة . قال ابن عباس : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، وأن ينحي عنهم الجبال ، فيزرعون فقيل له : " إن شئت أن تستأتي بهم لعلنا نجتني{[41280]} منهم . وإن شئت أن نؤتيهم{[41281]} الذي سألوا ، فإن كفروا أهلكوا كما{[41282]} أهلك من كان قبلهم قال لا ، بل استأني بهم{[41283]} فأنزل الله الآية{[41284]} . وعلى هذا المعنى قول الحسن وابن جبير وقتادة ، وهم أهل مكة{[41285]} .
ثم قال [ تعالى{[41286]} ] { وآيتينا ثمودا الناقة مبصرة } [ 59 ] .
أي : وقد سأل[ ت ]{[41287]} الآيات من قبل محمد [ صلى الله عليه وسلم ] ثمود فأتيناها ما سألت وجعلنا تلك الآية{[41288]} [ ناقة{[41289]} ] مبصرة ، أي : ذات أبصار ، أي : مضيئة{[41290]} ظاهرة{[41291]} بمنزلة قوله : { والنهار مبصرا }{[41292]} أي : مضيئا . وقيل : معنى مبصرة مبينة{[41293]} . أي : تبين لهم صدق صالح عليه السلام . وقال مجاهد مبصرة [ آية{[41294]} ]{[41295]} .
ثم قال : { فظلموا بها } [ 59 ] .
أي : فظلموا من أجلها لأنهم عقروها وكفروا بما{[41296]} جاءتهم فصار ظلمهم من أجلها{[41297]} . وقيل : معناه فظلموا بتكذيبهم بها{[41298]} .
ثم قال : { وما نرسل بالآيات إلا تخويفا } [ 59 ] .
أي : وما نرسل بالعبر إلا تخويفا/ للعباد{[41299]} . وقيل : الآيات هنا : [ هي{[41300]} ] آيات القرآن{[41301]} . وقال{[41302]} الحسن : هو الموت الذريع{[41303]} .
وقال نفطويه : الآيات هنا ثلاث : آية{[41304]} تدل على النبوة ومعجزة . وآية عقوبة يعني : سؤال تبين فيها القدرة ، وهاتان معه[ م ]ا{[41305]} النظرة ، ومنه قوله : { وما نرسل بالآيات إلا تخويفا } [ 59 ] فهذه معها{[41306]} النظرة ، والثالثة : آية سألتها أمة غير ما جاءها به{[41307]} نبيها فهذه لا نظرة معها إذا أعطيتها الأمة فكفرت بها أهلكت{[41308]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.