الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرۡسِلَ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّآ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلۡأَوَّلُونَۚ وَءَاتَيۡنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبۡصِرَةٗ فَظَلَمُواْ بِهَاۚ وَمَا نُرۡسِلُ بِٱلۡأٓيَٰتِ إِلَّا تَخۡوِيفٗا} (59)

ثم قال تعالى : { وما منعنا أن نرسل بالآيات{[41263]} } [ 59 ] .

المعنى وما منعنا أن نرسل بالآيات [ التي{[41264]} ] اقترحتها{[41265]} قريش { إلا أن كذب بها الأولون } [ 59 ] فأهلكوا واستؤصلوا فلو أرسلت إلى هؤلاء بالآيات وكذبوا لأهلكوا واستؤصلوا ، ففعل{[41266]} الله [ عز وجل{[41267]} ] بهم في ترك مجيء الآيات التي سألوها فيه{[41268]} الصلاح{[41269]} .

وفي هذا ما يدل على أن الله جل ذكره أخر الآيات عن{[41270]} قريش ، لئلا يكفروا بها فيهلكوا كما فعل بالأمم قبلهم . فكان تأخيره لذلك{[41271]} لما علم أن منهم من{[41272]} يؤمن ومنهم من يولد له من يؤمن . فأخر الآيات ليتم علمه فيهم . وعلم من الأمم الأول أنه لا يؤمن أحد منهم ، ولا يولد لأحد [ منهم{[41273]} ] من يؤمن فأرسل الآيات فكفروا فأهلكوا . وأخر ذلك عن قريش ليتم ما علم منهم . وقد ظهرت آيات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم . فالمعنى في هذا : ما منعنا{[41274]} أن نرسل بالآيات التي معها الاصطلام{[41275]} والهلاك لمن كذب بها ، إلا أنا حكمنا على كافري{[41276]} أمة محمد [ صلى الله عليه وسلم ] بعذاب الآخرة وألا يصطلموا{[41277]} بعذاب الدنيا . وهو قوله { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين }{[41278]} . فالنبي صلى الله عليه وسلم رحمة للمؤمنين إذ{[41279]} أستنقذهم من الضلال وهداهم إلى الإيمان ، وهو رحمة للكافرين إذ أخر عذابهم والصطلامهم إلى الآخرة . قال ابن عباس : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا ، وأن ينحي عنهم الجبال ، فيزرعون فقيل له : " إن شئت أن تستأتي بهم لعلنا نجتني{[41280]} منهم . وإن شئت أن نؤتيهم{[41281]} الذي سألوا ، فإن كفروا أهلكوا كما{[41282]} أهلك من كان قبلهم قال لا ، بل استأني بهم{[41283]} فأنزل الله الآية{[41284]} . وعلى هذا المعنى قول الحسن وابن جبير وقتادة ، وهم أهل مكة{[41285]} .

ثم قال [ تعالى{[41286]} ] { وآيتينا ثمودا الناقة مبصرة } [ 59 ] .

أي : وقد سأل[ ت ]{[41287]} الآيات من قبل محمد [ صلى الله عليه وسلم ] ثمود فأتيناها ما سألت وجعلنا تلك الآية{[41288]} [ ناقة{[41289]} ] مبصرة ، أي : ذات أبصار ، أي : مضيئة{[41290]} ظاهرة{[41291]} بمنزلة قوله : { والنهار مبصرا }{[41292]} أي : مضيئا . وقيل : معنى مبصرة مبينة{[41293]} . أي : تبين لهم صدق صالح عليه السلام . وقال مجاهد مبصرة [ آية{[41294]} ]{[41295]} .

ثم قال : { فظلموا بها } [ 59 ] .

أي : فظلموا من أجلها لأنهم عقروها وكفروا بما{[41296]} جاءتهم فصار ظلمهم من أجلها{[41297]} . وقيل : معناه فظلموا بتكذيبهم بها{[41298]} .

ثم قال : { وما نرسل بالآيات إلا تخويفا } [ 59 ] .

أي : وما نرسل بالعبر إلا تخويفا/ للعباد{[41299]} . وقيل : الآيات هنا : [ هي{[41300]} ] آيات القرآن{[41301]} . وقال{[41302]} الحسن : هو الموت الذريع{[41303]} .

وقال نفطويه : الآيات هنا ثلاث : آية{[41304]} تدل على النبوة ومعجزة . وآية عقوبة يعني : سؤال تبين فيها القدرة ، وهاتان معه[ م ]ا{[41305]} النظرة ، ومنه قوله : { وما نرسل بالآيات إلا تخويفا } [ 59 ] فهذه معها{[41306]} النظرة ، والثالثة : آية سألتها أمة غير ما جاءها به{[41307]} نبيها فهذه لا نظرة معها إذا أعطيتها الأمة فكفرت بها أهلكت{[41308]} .


[41263]:ط: "بالآية".
[41264]:ساقط من ق.
[41265]:ق: "اجترحها".
[41266]:ط: بفعل.
[41267]:ساقط من ق.
[41268]:ط: ما فيه.
[41269]:ط: الصلاح لهم.
[41270]:ق: "على".
[41271]:ق: بذلك.
[41272]:ق: ما يؤمن.
[41273]:ساقط من ق.
[41274]:ساقط من ق.
[41275]:ط: (الاصطلاح: وفي إعراب النحاس الاستئصال.
[41276]:ق: كافرين.
[41277]:ق: تصطلموا.
[41278]:الأنبياء: 107.
[41279]:ق: إذا.
[41280]:ط: "نحى" وفي إعراب النحاس "نجتبي".
[41281]:ط: يوتيهم.
[41282]:ق: "كما كما".
[41283]:ق: "نستأنهم" وط: "يستأني بهم".
[41284]:انظر: قول ابن عباس في جامع البيان 15/108، وإعراب النحاس 2/403، والدر 5/306.
[41285]:انظر: قولهم في جامع البيان 15/108، والدر 5/307.
[41286]:ساقط من ط.
[41287]:ساقط من ق.
[41288]:ط: الآيات.
[41289]:ساقط من ط.
[41290]:ساقط من ط.
[41291]:وهو قول الفراء، انظر: معاني الفراء 2/126، وجامع البيان 15/108.
[41292]:ق : "مبصرة" وهو خطأ. يونس: 67.
[41293]:حكي نحوه عن قتادة، وانظر: غريب القرآن 257، وجامع البيان 15/109، ومعاني الزجاج 3/247، وإعراب النحاس 2/430 والجامع 10/182.
[41294]:ساقط من ط.
[41295]:انظر: تفسير مجاهد 438، وجامع البيان 15/109 والدر 5/307.
[41296]:ط "لما" ولعله الأصوب.
[41297]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/109.
[41298]:ساقط من ط.
[41299]:انظر: هذا القول في إعراب النحاس 2/403، والجامع 10/183.
[41300]:ط: فقال.
[41301]:انظر: قوله في جامع البيان 15/109، والجامع 10/183، والدر 5/308.
[41302]:ط: فقال.
[41303]:انظر: قوله في جامع البيان 15/109، والجامع 10/183، والدر 5/308.
[41304]:ق: آيات.
[41305]:ساقط من ق.
[41306]:ق: "معنى".
[41307]:ق: "بها".
[41308]:ق: "بها أهلكت بها أهلكت".