قوله تعالى : { زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الحياة الدنيا } ، قال الكلبي : نزلت في شأن رؤساء قريش ، زين لهم ما بسط لهم في الدنيا من الخير . { وَيَسْخَرُونَ مِنَ الذين آمَنُواْ } في أمر المعيشة ، لأنهم كانوا فقراء .
{ والذين اتقوا } ، أي أطاعوا الله وهم فقراء المؤمنين . { فَوْقَهُمْ يَوْمَ القيامة } ، أي فوق المشركين في الجنة والحجة في الدنيا . وقد اختلفوا في قوله : { زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } . قال بعضهم : يعني زينها لهم إبليس ، لأن الله تعالى قد زهد فيها وأعلم أنها متاع الغرور ، ولكن الشيطان زيَّن لهم الأشياء ، كما قال في آية أخرى : { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أعمالهم فَصَدَّهُمْ عَنِ السبيل فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } [ النمل : 24 ] وقال في آية أخرى : { إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة زَيَّنَّا لَهُمْ أعمالهم فَهُمْ يَعْمَهُونَ } [ النمل : 4 ] ، فكان ذلك مجازاة لكفرهم . وقال بعضهم : معناه أن الله تعالى زين لهم ، لأنه خلق فيهم الأشياء العجيبة ، فنظر إليها الذين كفروا فاغتروا بها .
وروي ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « يقول الله تعالى لملائكته : لَوْلا أَنْ يَحْزَنَ عَبْدِي المُؤْمِنُ ، لَعَصَبْتُ الكَافِرَ بِعِصَابَةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَلَصَبَبْتُ عَلَيْهِ الدُّنْيَا صَبّاً » ومصداق ذلك في القرآن { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ } [ الزخرف : 33 ] الآية . وقال عليه الصلاة والسلام : « لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ ما سَقَى الكافِرَ مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ »
ثم قال تعالى : { والله يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } ، أي يرزق من يشاء رزقاً كثيراً لا يعرف حسابه . ويقال : أي يرزقه ولا يطلب منه حسابه بما يرزقه . ويقال : { بغير حساب } أي ليس له أحد يحاسبه منه بما يرزقه ويقال : بغير حساب أي بغير احتساب . كما قال في آية أخرى { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ الله بالغ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } [ الطلاق : 3 ] . وكل ما في القرآن : { يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } ، فهو على هذه الوجوه الأربعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.