بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِن تُبۡدُواْ ٱلصَّدَقَٰتِ فَنِعِمَّا هِيَۖ وَإِن تُخۡفُوهَا وَتُؤۡتُوهَا ٱلۡفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّـَٔاتِكُمۡۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (271)

{ إِن تُبْدُواْ الصدقات } وذلك أن الله تعالى لما حثهم على الصدقة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية ؟ فنزل قوله : { إِن تُبْدُواْ الصدقات } ، يعني إن تعلنوا الصدقات المفروضة . { فَنِعِمَّا هِيَ } قرأ حمزة والكسائي وابن عامر ، { فنعما هي } بنصب النون وكسر العين ، وقرأ عاصم في رواية حفص ونافع في رواية ورش ، وابن كثير بكسر النون وكسر العين ، وقرأ أبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر ، { فنعما } بكسر النون وجزم العين ، وكل ذلك جائز وفيه ثلاث لغات نِعِم نَعِم ونِعْم ، وما زيدت فيها للصلة .

وقرأ ابن عامر وعاصم في رواية حفص ، { ويكفر } بالياء وضم الراء . وقرأ حمزة ونافع والكسائي { ونكفر } بالنون وجزم الراء . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر { ونكفر } بالنون وضم الراء ، فمن قرأ بالجزم ، فهو جزاء الصدقة ، ومن قرأ بالضم فهي على المستقبل ، يعني إن تعلنوا الصدقات فحسن { وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفقراء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } من صدقة العلانية .

فأما صدقة التطوع فقد اتفقوا أن الصدقة في السر أفضل ، وأما الزكاة المفروضة قال بعضهم : السر أفضل ، لأنه أبعد من الرياء وقال بعضهم : العلانية أفضل ، لأن الزكاة من شعائر الدين ، فكل ما كان أظهر ، كان أفضل كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين ، ولأن في ذلك زيادة رغبة لغيره في أداء الزكاة ثم قال تعالى : { وَيُكَفّرُ عَنكُم مّن سَيّئَاتِكُمْ والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } يعني فيما تصدقتم في السر والعلانية يتقبل منكم ، ويكون في ذلك كفارة سيئاتكم ، ويعطي ثوابكم في الآخرة .