تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِن تُبۡدُواْ ٱلصَّدَقَٰتِ فَنِعِمَّا هِيَۖ وَإِن تُخۡفُوهَا وَتُؤۡتُوهَا ٱلۡفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّـَٔاتِكُمۡۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (271)

الآية 271 وقوله تعالى : { إن تبدوا الصدقات فنعمها هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } ؛ قال بعضهم : هي الفريضة ، وقال آخرون : هو تطوع{[3367]} ، وهو أوجه ، وقال غيرهم : قوله : { إن تبدوا الصدقات } هي الفريضة ، { وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء } هي التطوع .

قال الشيخ ، رحمه الله تعالى : لا يحتمل الإخفاء في التطوع ، والإبداء في الفرض لما أخبر في الإخفاء أنه خير ، ولا يكون التطوع خيرا من الفريضة ، ومن حمله على الفريضة يستجب أن يظهر الزكاة المفروضة ليقتدي به ، ويرغب الناس عليها ، ومنهم من يستجب الإخفاء أيضا . ويقولون : في الإبداء شيئان : الصدقة نفسها والاقتداء .

وفي الإخفاء وجوه :

أحدها : الصدقة .

والآخر : ترك المراآة ، وسلامتها .

والثالث : الكف عن المن والأذى . ومنهم من حمل قوله : { إن تبدوا الصدقات } على الفريضة ، { وإن تخفوها } على التطوع ، وذهب إلى أن الفريضة ليس فيها الرياء لأنه لا شيء عليه ، فسواء فيها الإبداء والأخفاء{[3368]} ، وأما التطوع ففيه الرياء لأنه معروف ليس عليه ، والإخفاء له أسلم ، والله أعلم .

[ وقوله تعالى : { ويكفر عنكم من سيئاتكم } فيه دليل أن من السيئات ما تكفرها الصدقة ، ومنها ما لا تفكر ، وقيل : إن { من } ههنا صلة ، ففيه إطماع تكفر السيئات كلها بالصدقة كقوله تعالى : { إن الحسنات يذهبن السيئات } [ هود : 115 ] . وهو نقض على المعتزلة لأنهم لا يرون تفكير الكبائر بغير التوبة عنها ، ولا التعذيب على الصغائر ، . فأما إن كانت الآية في الكبائر فبطل قولهم : لا تكفر بعير التوبة ، أو في الصغائر فيبطل قولهم : { إنها مغفورة إذ وعدت بالصدقة لأنهم يخلدون صاحب الكبائر في النار ، والله تعالى أطمع له تكفير السيئات كلها بالصدقة ، والله الموفق . ]{[3369]}

وقوله تعالى : { والله بما تعلمون خبير } فيه وعيد وتحذير أنه { يعلم ما تسرون وما تعلنون } [ النحل : 19 ] في الصدقات ، ويحتمل { تعملون خبير } من جزائكم . قال ابن عباس رضي الله عنه ، في قوله : { إن تبدوا الصدقات } الآية{[3370]} ( جعل الله تعالى صدقة السر في التطوع تفضل [ على ]{[3371]} علانيتها بسبعين ضعفا وجعل الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا ، وكذلك جميع{[3372]} الفرائض والنوافل في الأشياء كلها ) .

وفي بعض الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم ، [ أنه ]{[3373]} قال : ( صدقت السر تطفئ غضب الرب ) [ الطبراني في الصغير 1011 ] . و( صنائع المعروف تدفع{[3374]} مصارع السوء ) [ الطبراني في الأوسط 6222 ] ( وصلة الرحم تزيد في العمر ) [ ابن عساكر 5/210 ] وعن{[3375]} الحسن [ أنه ]{[3376]} قال : ( الإبقاء على العمل أشد من العمل ) وذلك إن العبد ليعمل سرا ، فيكتب{[3377]} له عمل السر ، فلا يزال به الشيطان حتى ينسخ من عمل السر إلى عمل العلانية ، ثم لا يزال به . الشيطان حتى يحب أن يحمد حتى يكتب له من عمل العلانية في الرياء .


[3367]:في ط ع: التطوع.
[3368]:من ط ع، في الأصل وم: الإظهار.
[3369]:من ط ع، أدرجت في الأصل وم بعد: العلانية في الرياء.
[3370]:أدرجت تتمة الآية في ط ع بدل هذه الكلمة.
[3371]:من ط ع.
[3372]:من ط ع وم، في الأصل: جمع.
[3373]:من ط ع.
[3374]:في ط ع: تفي.
[3375]:الواو ساقطة من النسخ الثلاث.
[3376]:ساقطة من النسخ الثلاث.
[3377]:في النسخ الثلاث: فكتب.