وقوله تعالى : { إِن تُبْدُواْ الصدقات فَنِعِمَّا هِيَ . . . } [ البقرة :271 ] .
ذهب جمهورُ المفسِّرين إِلى أنَّ هذه الآيةَ في صدَقَةِ التطوُّع ، قال ابن عبَّاس : جعل اللَّه صدَقَةَ السِّرِّ في التطوُّع ، تفضُلُ علانيتها ، يقال : بسبعين ضِعْفاً ، وجعل صدَقَةَ الفريضَةِ علانيتَهَا أفْضَلَ من سرِّها ، يقال : بخَمْسَةٍ وعشْرين ضِعْفاً ، قال : وكذلك جميعُ الفرائضِ والنوافلِ في الأشياء كلِّها .
( ع ) ويقوِّي ذلك قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ فِي المَسْجِدِ إِلاَّ المَكْتُوبَة ) ، وذلك أن الفرائضَ لا يدْخُلُها رياءٌ ، والنوافل عُرْضَةٌ لذلك ، قال الطبريُّ : أجمعَ النَّاس على أن إِظهار الواجِبِ أفضلُ .
وقوله تعالى : { فَنِعِمَّا هِيَ } ثناءٌ على إِبداء الصدقةِ ، ثم حكم أنَّ الإِخفاء خيْرٌ من ذلك الإِبداءِ ، والتقديرُ : نِعْمَ شيءٌ إِبداؤها ، فالإِبداء هو المخصوصُ بالمدْحِ ، وخرَّج أبو داود في سننه ، عن أبي أُمَامَةَ ، قال : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( انطلق بِرَجُلٍ إلى بَابِ الجَنَّةِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَإِذَا على بَابِ الجَنَّةِ مَكْتُوبٌ : الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَالقَرْضُ الوَاحِدُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، لأنَّ صاحب القرضِ لا يأتيك إِلاَّ وهو محتاجٌ ، والصدقةُ ربما وُضِعَتْ في غنيٍّ ) ، وخرَّجه ابن ماجه في «سننه » ، قال : حدَّثنا عُبَيْدُ اللَّه بن عبد الكريمِ ، حدَّثنا هشام بْنُ خالدٍ ، حدَّثنا خالدُ بن يَزِيدَ بْنِ أبي مالكٍ ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي على بَابِ الجَنَّةِ مَكْتُوبٌ : الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَالقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، فَقُلْتُ لِجِبْرِيلَ : مَا بَالُ القَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ ؟ قَالَ : إِنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ ، وَالمُسْتَقْرِضُ لاَ يَسْتَقْرِضُ إِلاَّ مِنْ حَاجَةٍ ) ، انتهى من «التذكرة » .
وقرأ ابن كثير وغيره : و( نُكَفِّرُ ) ، بالنون ورفع الراء ، وقرأ ابن عامر : وَ( يُكَفِّرُ ) بالياء ، ورفع الراء ، وقرأ نافع وغيره : وَ( نُكَفِّرْ ) بالنون والجزمِ ، فأما رفْع الراء ، فهو على وجهين :
أحدهما : أن يكون الفعْلُ خبر ابتداءٍ ، تقديره : ونحن نكفِّر ، أو : واللَّه يكفر .
والثَّاني : القطع ، والاستِئْناف ، والواو لعطْفِ جملةٍ على جملةٍ ، والجزمُ في الراءِ أفصحُ هذه القراءات ، لأنها تؤذن بدُخُول التكفير في الجزاء ، وكونه مشروطاً إِن وقع الإِخفاء ، وأمَّا رفع الراءِ ، فليس فيه هذا المعنى ، و ( مِنْ ) في قوله { مِّن سَيِّئَاتِكُمْ } للتبعيضِ المحْضِ ، لا أنها زائدةٌ ، كما زعم قومٌ ، { والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } وعدٌ ووعيدٌ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.