بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ} (11)

قوله عز وجل : { وَمِنَ الناس مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ } ، يعني : على شك ، وعلى وجه الرياء ، ولا يريد به وجه الله تعالى ؛ ويقال : على شك . والعرب تقول : أنت على حرف ، أي على شك ؛ ويقال : على حرف بلسانه دون قلبه . وروي عن الحسن أنه قال : { يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ } أي على إيمان ظاهر وكفر باطن ؛ ويقال : { على حَرْفٍ } ، أي على انتظار الرزق . وهذه الآية مدنية ، نزلت في أناس من بني أسد أصابتهم شدة شديدة فاحتملوا العيال ، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأغلوا الأسعار بالمدينة .

{ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن بِهِ } ، يعني : إن أصابه سعة وغنية وخصب اطمأن به ؛ وقال : نعم الدين دين محمد صلى الله عليه وسلم . { وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } ، أي بلية وضيق في المعيشة ، { انقلب على وَجْهِهِ } ؛ أي رجع إلى كفره الأول ؛ وقال : بئس الدين دين محمد . { خَسِرَ الدنيا والآخرة } ، أي غبن الدنيا والآخرة ؛ في الدنيا بذهاب ماله ، وفي الآخرة بذهاب ثوابه ؛ ويقال : { خسر الدنيا والآخرة } ، لأنه لم يدرك ما طلب من المال ، وفي الآخرة بذهاب الجنة . وروي عن حميد أنه كان يقرأ { ***خَاسِرَ } بالألف ، وقراءة العامة { لَفِى خُسْرٍ } بغير ألف . { ذلك هُوَ الخسران المبين } ، يعني : الظاهر البين .