ثم ذكر البدن ، يعني : ينحرون البدن . فهذه الخصال الحسنة صفة المخبتين .
قوله عز وجل : { والبدن جعلناها لَكُمْ } ؛ قرأ بعضهم : { والبدن } بضم الدال والباء ، وقراءة العامة بسكون الدال والمعنى واحد . { مِن شَعَائِرِ الله } ، يعني : جعلنا البدن من مناسك الحج . { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } ، يعني : في نحرها أجر في الآخرة ومنفعة في الدنيا . { فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا صَوَافَّ } ، يعني : إذا نحرتم ، فاذكروا اسم الله عليها { صَوَافَّ } أي قائمة قد صفت قوائمها . والآية تدل على أن الإبل تنحر قائمة . وروي عن عبد الله بن عمر ، أنه أمر برجل قد أناخ بعيره لينحره ، فقال له : انحره قائماً ، فإنه صفة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم ، وروي عن ابن مسعود ، وابن عباس أنهما كانا يقرآن { فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا صوافن } ، والصوافن التي تقوم على ثلاثة قوائم ، إذا أرادوا نحره ، تعقل إحدى يديه فهو الصافن ، وجماعته صوافن ؛ وقال مجاهد : من قرأ صوافن ، قال : قائمة معقولة . من قرأها صواف ، قال يصف بين يديها . وروي عن زيد بن أسلم أنه قرأ { ***صوافي } بالياء منتصبة ، ويقال : خالصة من الشرك ؛ وروي عن الحسن مثله وقال : خالصة لله تعالى ، وهكذا روى عنهما أبو عبيدة ، وحكى القتبي عن الحسن قال : كان يقرأ { عَلَيْهَا صَوَافَّ } مثل قاض وغاز أي خالصة لله تعالى ، يعني : لا تشرك به في حال التسمية على نحرها .
ثم قال : { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا } ، يعني : إذا ضربت بجنبيها على الأرض بعد نحرها ، يقال : وجب الحائط إذا سقط ، ووجب القلب إذا تحرك من الفزع ؛ ويقال : وجب البيع إذا أبرم . { فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ القانع والمعتر } ، فالقانع الراضي الذي يقنع بما أعطي وهو السائل والمعتر الذي يتعرض للمسألة ولا يتكلم ؛ ويقال : القانع المتعفف الذي لا يسأل ويقنع بما أرسلت إليه والمعتر : السائل الذي يعتريك للسؤال .
وقال الزهري : السنة أن يأكل الرجل من لحم أضحيته قبل أن يتصدق ، وروي عن عطاء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَتِه » . وروى منصور ، عن إبراهيم قال : كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم ، فرخص للمسلمين بقوله : { فَكُلُواْ مِنْهَا فَمَن شَاء أَكَلَ وَمَن شَاء لَمْ يَأْكُلُ } . قال الفقيه أبو الليث رحمه الله : والأفضل أن يتصدق بثلثه على المساكين ، ويعطي ثلثه للجيران والقرابة أغنياء كانوا أو فقراء ويمسك لنفسه ثلثه . وروي عن ابن مسعود نحو هذا . وروي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن القانع والمعتر ، فقال : القانع الذي يقنع بما أعطي ، والمعتر الذي يعتري بالأبواب ، قال : أما سمعت قول زهير :
عَلَى مُكْثريهمُ حَقُّ مَنِ يَعتَرِيهِم . . . وَعِنْدَ المُقِلِّينَ السَّمَاحَةُ وَالبَذْلُ
وقال مجاهد : القانع جارك وإن كان غنياً . ثم قال تعالى : { كذلك سخرناها لَكُمْ } ، أي ذللناها لكم وهي البدن . { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ، يعني : لكي تشكروا رب النعمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.