بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (102)

{ يا أيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ } يقول : أطيعوا الله حق طاعته ، وحق طاعته أن يطاع فلا يعصى طرفة عين ، وأن يشكر فلا يكفر طرفة عين ، وأن يذكر فلا ينسى طرفة عين ، فشقّ ذلك على المسلمين ، فأنزل الله تعالى : { فاتقوا الله مَا استطعتم واسمعوا وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون } [ التغابن : 16 ] فنسخت هذه الآية . هكذا قال الكلبي والضحاك ومقاتل ، وغيرهم من المفسرين : إن هذه الآية منسوخة . وقال بعضهم : لا يجوز أن يقال هذه الآية منسوخة ، لأنه لا يجوز أن يأمرهم بشيء لا يطيقونه ، ولكن الجواب أن يقال عن هذا إنهم يطيقونه ، ولكن تلحقهم مشقة شديدة ، ولأن ذلك مجهود الطاقة ، ولا يستطيعون الدوام عليه ، والله تعالى لا يكلف عباده إلا دون ما يطيقون ، فخفَّف عنهم بقوله تعالى : { فاتقوا الله مَا استطعتم واسمعوا وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون } [ التغابن : 16 ] ولم ينسخ آخر الآية أولها ، وهو قوله تعالى : { وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } يعني اثبتوا على الإسلام ، وكونوا بحال يلحقكم الموت ، وأنتم على الإسلام .