{ يا أَيُّهَا الناس } قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى { يا أَيُّهَا الناس } قال : الناس عامة ، وقد يكون { يا أَيُّهَا الناس } خاصة وعامة ، يعني خاصة لأهل مكة ، وفي هذا الموضع عام لجميع الناس { اتقوا رَبَّكُمُ } يعني اخشوا ربكم ويقال أطيعوا ربكم احذروا المعاصي لكي تنجوا من عقوبة ربكم . وقال : وحّدوا ربكم ولا تشركوا به شيئاً ، ثم دل على وحدانية نفسه بصنيعه فقال : { الذي خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحدة } يعني آدم { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } يعني خلق من نفس آدم زوجها حواء ، وذلك أن الله تعالى لما خلق آدم وأسكنه الجنة ألقى عليه النوم ، فكان آدم بين النائم واليقظان ، فخلق من ضلع من أضلاعه اليسرى حواء ، فلما استيقظ قيل له من هذه يا آدم ؟ قال امرأة لأنها خلقت من المرء ، فقيل : ما اسمها ؟ قال : حواء لأنها خلقت من حي . وقد قيل : إنما سميت حواء لأنه كان على شفتيها حوة وقيل لأن لونها كان يضرب إلى السمرة فسميت حواء من قولك أحوى كقوله تعالى { فَجَعَلَهُ غُثَاءً أحوى } [ الأعلى : 5 ]
ثم قال تعالى : { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء } يعني : خلق منهما يعني من آدم وحواء ، ونشر منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، يعني خلق منهما رجالاً كثيراً ونساءً . قال مقاتل : أي خلق منهما ألف ذرية من الناس . ثم قال تعالى : { واتقوا الله } أي أطيعوا الله { الذي تَسَاءلُونَ بِهِ } قرأ حمزة ، والكسائي ، وعاصم ، وأبو عمرو في رواية هارون : «تسألون » بغير تشديد . وقرأ الباقون بالتشديد ، فأما من قرأ بالتشديد لأن أصله تتساءلون فأدغم إحدى التاءين في السين وأقيم التشديد مقامه ، ومن قرأ بالتخفيف فالأصل أيضاً تتساءلون ، فحذف إحدى التاءين لاجتماع الحرفين من جنس واحد للتخفيف . ثم قال : { والأرحام } قرأ حمزة : { والأرحام } بكسر الميم ، والباقون بنصب الميم ، ومعناه واتقوا الله الذي تسألون به الحاجات ، يعني الذي يسأل الناس بعضهم بعضاً ، فيقول الرجل للرجل : أسألك بالله وأنشدك بالله والأرحام . يقول : واتقوا الله في ذوي الأرحام ، فصلوها ولا تقطعوها . وأما من قرأ بالكسر معناه : أسألك بالله وبالرحم أن تعطيني شيئاً . وقال الزجاج : من قرأ بالخفض فخطأ في العربية وفي أمر الدين ، أما الخطأ في العربية لأن الاسم يعطف على الاسم المفصح به ولا يعطف على المكنى به إلا في اضطرار الشعر ، كقول الشاعر :
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا . . . فما لنا بك والأيام من عجب
وأما في غير الشعر فلا يستعمل ، وأما الخطأ الذي في الدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ " فالسؤال بالأرحام أمر عظيم . ولكن روي عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ بالخفض أيضاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.