بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (9)

فأثنى الله تعالى على الأنصار فقال عز وجل :{ والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم } يعني استوطنوا الدار يعني دار المدينة من قبل هجرتهم يعني نزلوا دار الهجرة في المدينة ، { والإيمان } يعني تبوءوا الإيمان أي كانوا مؤمنين من قبل أن هاجر إليهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . قال الله تعالى :{ يحبون من هاجر إليهم } يعني يحبون من يقدم إليهم من المؤمنين ، { ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا } يعني لا يكون في قلوبهم حسدا مما أعطوا يعني المهاجرين

ويقال حاجة يعني حزازة وهو الحزن ويقال { ولا يجدون في صدورهم } بخلا وكراهة بما أعطوا

{ ويؤثرون على أنفسهم } في القسمة من الغنيمة يعني تركوها للمهاجرين ، { ولو كان بهم خصاصة } يعني حاجة .

وروى وكيع عن فضيل بن عمران عن رجل عن أبي هريرة أن رجلا من الأنصار نزل به ضيف فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه فقال لامرأته نومي الصبية وأطفئي السراج وقربي إلى الضيف ما عندك فنزل :{ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } .

ويقال إن رجلا من الأنصار أهدي له برأس مشوي فقال لعل جاري أحوج مني فبعث إليه

ثم إن جاره بعثه إلى جار آخر فطاف سبعة أبيات ثم عاد إلى الأول فنزل :{ ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } .

قال الله تعالى :{ ومن يوق شح نفسه } يعني ومن يمنع بخل نفسه :{ فأولئك هم المفلحون } يعني الناجين .

وروى وكيع بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " بريء من الشح من أدى الزكاة وأقرى الضيف وأعطى في النائبة " .