{ خلائف } : جمع خَلِيفَةِ ، أي : يخلف بعضُكم بعضاً ، لأن مَنْ أتى خليفةٌ لِمَنْ مضى ، وهذا يتصوَّر في جميع الأممِ وسائرِ أصنافِ الناسِ ، ولكنه يحْسُنُ في أمة نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم أن يسمى أهلها بجملتهم خلائِف للأمم ، وليس لهم من يخلفهم ، إذ هم آخر الأمم ، وعليهم تقومُ الساعة ، وروى الحَسَنُ بْنُ أبي الحسن ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : ( تُوفونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) ، ويروى : ( أَنْتُمْ آخِرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ ) . وقوله : { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ درجات }[ الأنعام :165 ] لفظٌ عامٌّ في المالِ ، والقوةِ ، والجاهِ ، وجودةِ النفُوسِ والأذهانِ ، وغير ذلك ، وكل ذلك إنما هو ليختبر اللَّه سبحانه الخلْقَ ، فيَرَى المحْسِنَ من المُسيء ، ولما أخبر اللَّه عزَّ وجلَّ بهذا ، ففسح للنَّاس مَيْدَانَ العَمَل ، وحضَّهم سبحانه على الاستباقِ إلى الخيراتِ ، توعَّد ووَعَد ، تخويفاً منه وترجيةً ، فقال : { إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العقاب } إما بأخَذَاته في الدنيا ، وإما بعقاب الآخرة ، وحَسُنَ أنْ يوصف عقابُ الآخرة ب «سريع » ، لما كان متحقّقاً مضمون الإتيانِ والوقوعِ ، وكلُّ آت قريبٌ ، { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } : ترجيةٌ لمن أذنب وأراد التوبة ، وهذا في كتاب اللَّه كثيرٌ ، وهو اقتران الوعيد بالوعدِ ، لطفاً من اللَّه سبحانه بعبادِهِ ، اللَّهم اجعلنا مِمَّنْ شملته رحْمَتُكَ وغُفْرانُكَ ، بجُودِكَ وإحسانِكَ ، ومِنْ كلام الشيخ الوليِّ العارفِ أبي الحسن الشَّاذِلِيِّ ( رحمه اللَّه ) قَالَ : من أراد أن لاَّ يضره ذنْبٌ ، فليقل : ربِّ أعوذ بك من عذابِكَ يَوْمَ تبعث عبادَكَ ، وأعوذ بك مِنْ عاجل العذابِ ، ومِنْ سوء الحسابِ ، فإنك لسريعُ الحِسَاب ، وإنك لغفور رحيم ، رَبِّ إني ظلمت نفسي ظُلْماً كثيراً ، فاغفر لي وتُبْ عليَّ لا إله إلا أنت ، سبحانك ، إني كنْتُ من الظالمين ، انتهى .
نسأل الله أن ينفع به ناظره ، وأن يجعله لنا ذخرا ونورا يسعى بين أيدينا يوم لقائه والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسلما . انتهى هذا الجزء مصححا بالمقابلة على خط مؤلفه شكر الله سعيه ، وقدس سره ويليه الجزء الثالث وأوله سورة الأعراف ولله الحمد والمنة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.