فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمۡ خَلَـٰٓئِفَ ٱلۡأَرۡضِ وَرَفَعَ بَعۡضَكُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَبۡلُوَكُمۡ فِي مَآ ءَاتَىٰكُمۡۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورٞ رَّحِيمُۢ} (165)

{ وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم 165 } .

{ وهو الذي جعلكم خلائف الأرض } جمع خليفة أي جعلكم خلفاء الأمم الماضية والقرون السابقة أو المراد أنه يخلف بعضهم بعضا أو أن هذا النوع الإنساني خلفاء الله في أرضه ، قال السدي : أهلك القرون الأولى فاستخلفنا فيها بعدهم والإضافة على معنى في .

{ ورفع بعضكم فوق بعض درجات } في الخلق والرزق والقوة والضعف والعلم والعقل والجهل والحسن والقبح والغنى والفقر والشرف والوضع ، وهذا التفاوت بين الخلق في الدرجات ليس لأجل العجز أو الجهل أو البخل ، فإن الله سبحانه منزه عن صفات النقص .

وإنما هو { ليبلوكم فيما أتاكم } أي ليختبركم في تلك الأمور ، ويعاملكم معاملة المبتلى والمختبر ، وهو أعلم بأحوال عباده منهم أو ليبلي بعضكم ببعض كقوله تعالى : { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة } .

ثم خوفهم فقال { إن ربك سريع العقاب } لأعدائه بإهلاكهم في الدنيا ، وإنما وصف العقاب بالسرعة وإن كان في الآخرة لأن كل آت قريب كما قال { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } .

ثم رغب من يستحق الترغيب من المسلمين فقال { وإنه لغفور رحيم } أي كثير الغفران لأوليائه عظيم الرحمة بجميع خلقه .