فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِينَ يَسۡتَحِبُّونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (3)

{ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ ( 3 ) }

ثم وصف هؤلاء الكفار بقوله : { الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } أي يؤثرونها لمحبتهم لها { عَلَى الآخِرَةِ } الدائمة والنعيم الأبدي .

{ وَيَصُدُّونَ } أي يصرفون الناس { عَن سَبِيلِ اللّهِ } أي عن دينه الذي شرعه لعباده { وَيَبْغُونَهَا } أي السبيل { عِوَجًا } أي يطلبون لها زيغا وميلا وعدولا وانحرافا عن الحق لموافقة أهوائهم وقضاء حاجتهم وأغراضهم ، وقيل الهاء راجعة إلى الدنيا أي يطلبونها على سبيل الميل عن الحق ، والميل إلى الحرام والعوج بكسر العين في المعاني وبفتحها في الأعيان وقد سبق تحقيقه ، واجتماع هذه الخصال نهاية الضلال ، ولهذا وصف ضلالهم بالبعد عن الحق فقال :

{ أُوْلَئِكَ } يعني من هذه صفته { فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } عن طريق الحق ، أي بالغ في ذلك غاية الغايات القاصية أو ذي بعد أو فيه بعد لأن الضال قد يضل ويبعد عن الطريق مكانا قريبا وقد يضل بعيدا ، والبعد وإن كان من صفة الضال لكنه يجوز وصف الضلال به مجازا لقصد المبالغة كجد جده وداهية دهياء .

ثم لما من على المكلفين بإنزال الكتاب وإرسال الرسول ذكر من كمال تلك النعمة أن ذلك المرسل بلسان قومه فقال :