الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ٱلَّذِينَ يَسۡتَحِبُّونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبۡغُونَهَا عِوَجًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (3)

قوله تعالى : { الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ } يجوز أن يكون مبتدأً خبرُه " أولئك " وما بعده ، وأن يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ ، أي : هم الذين ، وأن يكونَ منصوباً بإضمارِ فعلٍ على المدح فيهما ، وأن يكون مجروراً على البدلِ أو البيانِ أو النعتِ ، قاله الزمخشري وأبو البقاء والحوفيُّ وغيرُهم . وردَّه الشيخ بأنَّ فيه الفَصْلَ بأجنبي وهو قولُه { مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } قال : " ونظيرُه إذا كان صفةً أن تقول : " الدارُ لزيدٍ الحسنةُ القُرَشِيِّ : وهذا لا يجوز ، لأنك فَصَلْتَ بين زيد وصفتِه بأجنبيٍّ منهما وهو صفةُ الدار ، وهولا يجوز ، والتركيبُ الفصيحُ أن تقول : الدارُ الحسنةُ لزيدٍ القرشيِّ ، أو : الدارُ لزيدٍ القرشيِّ الحسنةُ " .

و " يَسْتَحِبُّون " : استفعلَ فيه بمعنى أَفْعَل كاستجاب بمعنى أجاب ، أو يكونُ على بابه ، وضُمِّن معنى الإِيثار ، ولذلك تعدَّى ب على .

وقرأ الحسن " ويُصِدُّون " مِنْ أَصَدَّ ، وأَصَدَّ منقولٌ مِنْ صَدَّ اللازمِ ، والمفعولُ محذوفٌ ، أي : غيرَهم ، أو أنفسَهم .

و { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } تقدَّم مثله .